الخميس، 22 سبتمبر 2022

كتاب نظرية الدفوع في القانون اليمني

 #اعرف_حقك_وقانونك⚖️🇾🇪

🔘كتاب نظرية الدفوع في القانون اليمني

◾️الفصل الاول

🔹️المبحث الاول : تعريف الدفع 

🔸️أ‌- في اللغة :- الدفع في اللغة يأتي بمعنى التنحية و الإزالة يقال دفع عنه الأذى بمعنى نحاه و أزاله عنه ، و قد يراد بالدفع " الاضطرار "يقال دُفع فلان إلى كذا أي أضطر إليه فهو مدفوع إليه أي مضطر .

و قد يراد بالدفع " الرد " يقال دفعت إليه كذا أي ردته إليه و تأتي بمعنى رد القول و إبطاله فيقال دفعت القول أي ردته بالحجة .

🔸️ب - في المصطلح القانوني :-

توجد تعاريف كثيرة للدفع من قبل فقهاء القانون و هي و إن اختلفت في الصياغة إلا أن جميعها تتجه إلى معنى واحد حيث يعرفه البعض بأنه ( هو ما يجيب به الخصم على طلب خصمه بقصد تفادي الحكم له به ) و منهم من يعرفه بأنه في مفهومه العام في القوانين المدنية ( يطلق على جميع وسائل الدفاع التي يجوز للخصم أن يستعين بها ليجيب على دعوى خصمه بقصد تفادي الحكم لخصمه بما يدعيه سواء كانت هذه الوسائل موجهة إلى الخصومة أو إلى بعض إجراءاتها أو موجهة إلى اصل الحق المدعى به أو إلى سلطة الخصوم في استعمال دعواه ) و يعرفه آخرون بأنه ( وسيلة إجرائية يعترض بها الخصم على الحق المدعى به أو على الخصومة أو أي من الإجراءات المكونة لها أو على حق الخصم في الدعوى ) .

👈هذه التعاريف للدفع تصب كلها في معنى واحد و لها مفهوم واحد و من خلالها يمكن أن نوضح آلاتي :- 👇

👈1- أن الدفع هو الوسيلة التي يعترض بها الخصم على الدعوى التي رفعت أمام القضاء في مواجهته من قبل الخصم الآخر و الدفع بذلك يختلف عن إنكار الدعوى حيث أن إنكار الدعوى قد يكون صريح و قد يكون ضمنيا فالصريح هو عند تلفظ الخصم بأنه منكر لكل ما جاء في الدعوى من وقائع و طلبات أو يأتي عن طريق الكتابة أو الإشارة المفهمة ، والإنكار الضمني و هو ما يستخلص من سكوت الخصم عن الإجابة عن دعوى خصمه و على ذلك نصت المادة (9) من القانون رقم(21) لسنة 1992م بشأن الإثبات وتعديلاته على انه ( إذا كان المدعى عليه حاضرا وجب عليه أن يجيب على الدعوى بالإقرار أو الإنكار ولا يشترط اللفظ بل يكفي المعنى فان امتنع اعتبر منكرا ) . 

و لذلك فان المنكر لا يحمل عبء الإثبات و إنما يقع عبء الإثبات في هذه الحالة على رافع الدعوى و ذلك كون المدعى عليه قد أنكر الدعوى إنكارا مجردا و لهذا اعفي من الإثبات . أما إذا تقدم الخصم بدفع في مواجهة دعوى خصمه كأن ينكر المدين بقاء الدين في ذمته ففي هذه الحالة يلزم بإثبات ما يدعيه من وفاء الدين و ذلك بسبب كونه قد نفى عنه الأصل و هو براءة الذمة و اقر بأنه كان مدين للدائن و جل ما في الأمر انه قد رد القرض للدائن و هو بذلك تقدم بدعوى يلزم بإثباتها و أعفى بدفعه الدائن(المدعي) من الإثبات كما انه من خلال دفعه لم ينكر الدعوى إنكارا مجردا إنما كان إنكاره يرتكز على إقرار بوجود مديونية في ذمته و لم يكن إنكارا مجردا .

👈2- الدفع وسيلة دفاع يستخدمها الخصم في مواجهة دعوى خصمه و لهذا فإن الدفع يولد الحق في استعماله متى ما وجه الطلب القضائي إلى الخصم و هو لذلك وسيلة دفاعية مخولة للخصوم و ليس وسيلة هجومية.

👈3- و لكون الدفع وسيلة دفاعية يستخدمها الخصم في مواجهة خصمه لا يشترط أن توجه فقط إلى اصل الحق المدعى به ( الدفع الموضوعي ) و إنما قد يوجه إلى إجراءات الخصومة ( الدفوع الإجرائية ) كما إنها قد توجه إلى حق الخصم في استعمال الدعوى ( الدفع بعدم القبول ) .

و على ذلك فإن الدفع هو وسيلة إجرائية يستخدمها الخصم في الرد على طلب خصمه قاصدا منه عدم الحكم لخصمه بطلباته أو بجزء منها بغض النظر عن نوع الدفع المقدم ، فهو إذا وسيله دفاع سلبية محضة .

وقد عرفه القانون اليمني الدفع رقم (40) لسنه 2002م في المادة (179)منه بأنه : ( الدفع دعوى يبديها المدعى عليه أو الطاعن اعتراضا على موضوع الدعوى أو الطعن أو شروط قبولهما أو أي إجراء من إجراءاتهما ) .

🔸️ج- شروط ممارسة الحق في الدفع : 👇

إن الحق في الدفع هو الوجه المقابل للحق في الدعوى الذي يشترط لممارسة هذا الحق الشروط القانونية الاتيه :👇

👈1- أن يكون الدفع قانونيا :- 

ويقصد بذلك أن يكون موضوعه التمسك بحق أو مركز يحميه القانون .

👈2- أن يكون الدفع جوهريا : 

ويعني أن يكون متعلقا بموضوع الدعوى أو شروطها أو إجراءَ من إجراءاتها ومؤثراً فيها بحيث يؤدي لو صح إلى تغيير وجه الحكم فيها . 

▪️2- الصفة في الدفع :

وتثبت الصفة في الدفع لمن كان طرفاً في الحق المدعى به أولمن يخوله القانون صفه غير عاديه مثل الدائن في الدعوى غير المباشرة ، والكفيل الذي يجيز له القانون التمسك بالدفوع الخاصة بالمدين والصفة في الدفع الإجرائي تكون لمن له الحق في الدفع الإجرائي ، فلا يجوز مثلاً أن يدفع ببطلان الإعلان إلا الخصم الذي كان إعلانه معيباً أما الخصم الآخر الذي لم يكن إعلانه معيبا ًمثلا فلا يجوز له التمسك بالبطلان الحاصل في إعلان خصم أخر.

👈3- سقوط الحق في الدفع : 

إذا لم يتبع في الدفع الترتيب القانوني المعين كالدفع الإجرائي غير المتعلق بالنظام العام فأنه يسقط إذا لم يقدم قبل الكلام في الموضوع كما يسقط الحق في الدفع أياً كان إذا تم التنازل عنه صراحة أو ضمناً ، أو سبق الفصل فيه ، أو قدم بعد إقفال باب المرافعة. 

🔸️د- واجب المحكمة إزاء إبداء الدفوع :

يجب على المحكمة أن تمكن الخصم من إبداء الدفع خلال المرافعة كما يجب أن تعتد بالدفع في حكمها وتورد ذلك عند تسبيبها للحكم غير أن المحكمة لا تلتزم إلا بالدفع القانوني أو الجوهري حيث عليها تمكين الخصم من إبدائه وإيراده في حكمها قبولاً أو رفضاً أما الدفع غير القانوني وغير الجوهري أو الذي لم يقدم بشكل جازم يقرع سمع المحكمة فلا تلتزم المحكمة بإيراده في حكمها أو الرد عليه وعلى هذا أستقر قضاء محكمة النقض المصرية. 

◾️الفصل الثاني : أنواع الدفوع :- 👇

لا تختلف الدفوع من تشريع إلى أخر و لكن قد يحصل اختلاف من حيث تقسيم أنواع الدفوع فتوجد تشريعات تأخذ بالتقسيم الثنائي للدفوع حيث تقتصر أنواع الدفوع على الدفع الموضوعي و الدفع الإجرائي فقط و ليس معنى ذلك أنها لا تأخذ بالدفع بعدم القبول أو أن قضائها يرفض أي يدفع بعدم القبول إنما تعتبر الدفع بعدم القبول إما دفع موضوعي أو دفع أجرائي كون الدفع بعدم القبول قد يتعلق بالإجراءات و قد يتعلق بالموضوع أي انه نوع وسط بين النوعين و لهذا فأنا التشريعات التي تأخذ بالتقسيم الثنائي تعمل به ألا أنها أما أن تعتبره دفع أجرائي أو دفع موضوعي و الواضح أن قانون المرافعات رقم (28 ) لسنة 1992م كان يأخذ بهذا التقسيم و ذلك تأثرا بالقانون المصري ألا قانون المرافعات رقم (40) لسنة 2002م قد اخذ بالتقسيم الثلاثي للدفوع و اعتبر الدفع بعدم القبول نوع مستقل و أن كان إجرائي أو كان موضوعي و على هذا فأن أنواع الدفوع بحسب التقسيم الثلاثي هي :-


🔹️المبحث الأول :

 الدفع الإجرائي :

▪️أولا: التعريف:

و هو الوسيلة التي يستخدمها الخصم في الطعن في صحة الخصومة أو في الإجراءات المكونة لها هادفا من ذلك إسقاط الخصومة أو إرجاء النظر في موضوعها . فهي توجه إلى الخصومة أو إلى بعض إجراءاتها دون التعرض لذات الحق المدعى به أو المنازعة فيه ، ويقصد بها تفادي الحكم في الموضوع بصف مؤقتة. 

و أي كان الدفع الإجرائي الذي يستخدمه الخصم في مواجهة الطلب القضائي سواء قصد به إخراج النزاع من ولاية المحكمة بسبب نوع الدعوى أو مكانها أو وجهه بقصد الكشف عن وجد خلل موضوعي في الإجراءات كالدفع بانعدام ولاية القيم أو صفة المحامي أو وجهه بهدف التخلص من الخصومة دون الفصل فيها أو وجهه بقصد الكشف عن وجود خلل في الإجراءات كالدفع ببطلان عريضة الدعوى أو الطعن لرفعها بغير الطريق المقرر قانوناً .

▪️ثانياً: النظام القانوني للدفع الاجرائي:

فكافة هذه الدفوع توجه إلى إجراءات الخصومة و لا توجه إلى الموضوع و لهذا فقد استلزم المشرع اليمني من خلال المواد ( 181 ، 185 ، 186 ) مرافعات نافذ نظام معين لتقديم الدفع الإجرائي من كون انه يجب تقديمه قبل الخوض في الموضوع و أن يقدم قبل أي دفع بعدم القبول كما انه يجب إبداء الدفع الإجرائي في عريضة الطعن كما يجب جميع أنواع الدفوع الإجرائية في وقت واحد معا و إبداء كافة الأوجه التي يبنى عليه الدفع الإجرائي و يسقط حق الخصم في التمسك به إذا خاض في الموضوع أو تقدم بدفع بعدم القبول أو لم يبده في عريضة الطعن و يسقط حقه في التمسك به إذا لم يبده مع بقية الدفوع الإجرائية و علاوة عن سقوط حق الخصم في الدفع فانه قد يتقدم بالدفع ألا انه لم يبدي كافة اوجه فانه في هذه الحالة يسقط حقه في ما لم يبده منها .

ويتضح مما سبق أنه يتعين إبداء سائر الدفوع الشكلية( الإجرائية) معاً وقبل التكلم في الموضوع و إلا سقط الحق في ما لم يبدا منها .

ويستثنى من هذه القاعدة الآتي :- 👇

👈1- الدفوع المتصلة بالنظام العام ، وهذه يجوز إبداؤها في أي حالة تكون عليها الإجراءات كالدفع بعدم الاختصاص النوعي ، وقد ضمت هذه الدفوع المتعلقة بالنظام العام المادة (186) مرافعات نافذ وجعلتها على سبيل المثال .

👈2- الدفوع التي قد ينشأ الحق في التمسك بها بعد التكلم في الموضوع ، كالدفع بإسقاط الخصومة أو اعتبارها كأن لم تكن . 

وإذا قدمت جميع الدفوع الإجرائية معاً في مذكرة أو صحيفة أو مشافهة الآخر و ذلك مع مراعاة الدفوع الشكلية ذآت الأولوية كالدفع بعدم الاختصاص المكاني ، فيستوي بطبيعة الحال أن يتقدم بعضها البعض ، وكل ما يتطلبه القانون في ماعدا ذلك أن يدلى بها الخصم معاً في مناسبة واحدة ، بمعنى أنه لا يجوز له أن يقتصر على إبداء دفع في مذكرة ويدلي بآخر في مذكرة أخرى ، أو أن يقتصر في مرافعته الشفوية على إبداء دفع ثم في جلسة أخرى يبدي دفعاً آخر و القانون في المادة (181) يشترط إبداء الدفع بعدم الاختصاص المكاني قبل الخوض في الموضوع أو قبل إبداء أي دفع آخر و إلا سقط الحق في التمسك به . 


والغرض المقصود من هذه القاعدة عدم السماح للمدعى عليه بالتراخي في إبداء الدفوع التي لا تمس أصل الحق منعاً من تأخير الفصل في الدعوى .


كما أن الحق في إبداء الدفوع الإجرائية لا يسقط لمجرد التمسك بتأجيل نظر الدعوى إلى جلسة أخرى للاستعداد . 


▪️ثالثاً: بعض أنواع الدفوع الإجرائية ( الشكلية ) التي نظمها القانون اليمني :-

ويعد من الدفوع الإجرائية ( الشكلية ) التي نظمها القانون اليمني من خلال نص المواد ( 181، 182 ، 183 ، 184 ) من القانون رقم (40) لسنة 2002م بشأن المرافعات والتنفيذ المدني . الدفع بعدم اختصاص المحكمة بالنظر في الدعوى مكانيا ، والدفع بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى ، والدفع ببطلان أوراق التكليف بالحضور ، والدفع ببطلان أي من أوراق المرافعات ، والدفع بإسقاط الخصومة أو باعتبارها كأن لم تكن وأي دفع يتصل بالإجراءات .


▪️رابعاً : دراسة للدفع بالإحالة كمثال للدفوع الإجرائية ( الشكلية ) : 👇


👈(1)الإحالة بعد الحكم بعدم الاختصاص 


👈(2)الإحالة بالاتفاق 


👈(3) الإحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمة أخرى 


👈(4) الإحالة للارتباط


🔸️أولا : الإحالة بعد الحكم بعدم الاختصاص :

أوجب المشرع اليمني على المحكمة عملاً بنص المادة (183) مرافعات نافذ إذا قضت بعد م اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة . 


وهذا النص أملته الرغبة في القصد في الوقت وفي الإجراءات والنفقات حتى لا يتحمل المدعى أعباء رفع دعوى جديده .


وفيما يلي دراسة له :-👇


👈1- أصبحت الإحالة واجبه على المحكمة سواء قضت بعدم اختصاصها محلياً أو قيمياً أو نوعياً أو وظيفياً . و القانون اليمني لم يعتبر الاختصاص القيمي للمحاكم و ذلك لعدم وجود محاكم مختصة قيميا و لذلك لا وجود لمثل هذا الدفع في قانون المرافعات اليمني و إنما يعمل به في القانون المصري لوجود المحاكم المتخصصة قيميا أو ما تعرف بالمحاكم الجزئية . 


👈2- تحال الدعوى بحالتها أي بما اشتملت عليه من أحكام فرعية موضوعية أو بما تم فيها من إجراءات إثبات .

ويعتد أمام المحكمة المحال أليها الدعوى بما تم من إجراءات الإثبات أمام المحكمة الأولى . ويعتد بسبق حضور المدعى عليه قبل إحالة الدعوى بالمادة (183) مرافعات نافذ التي تقرر إحالة الدعوى بحالتها بحيث يجوز نظر موضوع الدعوى أمام المحكمة المحال ة أليها ولو في غيابه متى تحققت من صحة إعلانه بالجلسة أمام هذه المحكمة . 


👈3- تلتزم المحكمة المحال أليها الدعوى بنظرها .


👈4- لا تلتزم المحكمة المحال أليها الدعوى بالإحالة إلا بالأسباب التي بنيت عليها بحيث انه إذا رأت أنها على الرغم من الإحالة غير مختصة بنظر الدعوى لسبب آخر ، وجب عليها الحكم مع هذا بعدم الاختصاص . 


👈5- إلزام المحكمة المحال أليها الدعوى بها لا يخل بحق الخصم في الطعن في الحكم بعدم بعدم الاختصاص. كما أن تعرض الخصوم للموضوع أمام المحكمة المحال أليها الدعوى لا يعد رضاء بالإحالة مانعاً من الطعن في الحكم الصادر بها . 


👈6- لا تخل المادة بحق المدعى عليه في طلب التعويض طبقاً لقواعد المسؤولية إذا كان المدعي قد قصد الكيد في رفع دعواه إلى محكمة غير مختصة .


👈7- إذا صدر الحكم بالإحالة في غيبة أحد الخصوم ثم تخلف عن الحضور أمام المحكمة المحال أليها الدعوى ، وجب على المحكمة المحال أليها الدعوى أن تلزم الخصم بإعلان الغائب تحقيقاً لحسن سير العدالة وضماناً لصدور الأحكام في مواجهة الخصوم ، ما لم يكن هذا الخصم الغائب هو الذي كان قد تمسك بعدم الاختصاص والإحالة. 


👈8- إذا قضت المحكمة بإحالة الدعوى ألي محكمة أخرى وكلفت قلم كتاب هذه المحكمة بتحديد جلسة يعلن بها الخصم أدارياً فان هذا لا يعفى المدعي من موالاة إجراءات خصومته بحيث إذا وقف السير فيها مدة سنه ( تبداء من تاريخ الحكم بالإحالة ) جاز التمسك بإسقاطها .


ويترتب على ما سبق أيضا :👇

👈(أ) عدم اعتبار طلبات الخصم أو دفوعه أو دفاعه مثارة أمام محكمة الإحالة إلا بإثارتها بالفعل أمامها ولو تضمنتها صحيفة دعواه الأصلية أو صحيفة استئنافه أو مذكراته السابقة على الإحالة.


👈(ب) لا يملك القاضي المستعجل الإحالة . لأن الإحالة هي حكم بفرض الاختصاص على المحكمة المحال أليها الدعوى وهذا ما لا يملكه قاضي الأمور المستعجلة لمساسه بالموضوع ، وأن كان يملكه بصدد الاختصاص المحلي للدعوى المستعجلة .


🔸️ثانياً: الاحله بالاتفاق :-

تنص المادة (101) مرافعات نافذ على أنه " يجوز الاتفاق بين الخصوم مقدماً على اختصاص محكمة معينه ، كما يجوز أثناء نظر الدعوى أن يتفق الخصوم جميعاً على إحالة الدعوى إلى محكمة أخرى ، فتقرر المحكمة المنظورة أمامها الدعوى إحالتها إليها مع مراعاة الاختصاص النوعي للمحاكم النوعي للمحاكم ويجب على المحكمة المحال أليها الدعوى أن تفصل فيها ". 

ويتضح من أن النص السابق لا يعمل به إلا إذا كانت المحكمة المرفوعة أليها الدعوى مختصة بنظرها ، أما إذا كانت هذه المحكمة غير مختصة بنظرها فلن تكون هناك فرصة لإعماله . ويشترط كذلك أن لا يكون اتفاق الخصوم على الإحالة غير مخالف لقاعدة من قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام . 


🔸️ثالثاً: الإحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمة أخرى :-

قد تختص اكثر من محكمة بدعوى واحدة كما إذا تعدد المدعى عليهم ، أو إذا اتفق على موطن مختار لتنفيذ عقد . فيرفع المدعي دعواه أمام محكمة مختصة ثم يرفعها أمام محكمة أخرى مختصة قبل الفصل في الدعوى الأولى لعدم رضاه مثلاً عن اتجاه هذه المحكمة في تحقيق القضية المرفوعة أمامها ، وكما قد يقيم شخص دعواه أمام محكمة غير مختصة ثم يثبت لها اختصاصها بعدم الاعتراض عليه في الوقت المناسب ، فترفع الدعوى مره أخرى لسبب من الأسباب المتقدمة أو لغيره من الأسباب أمام محكمة أخرى مختصة .


ولما كان القانون لا يجيز أن تقدم دعوى واحده أمام محكمتين ولو كانت كل منهما مختصة بنظرها ، ليتفادى تعدد الإجراءات وتناقض الأحكام ، أجاز - عند قيام قضيتين عن دعوى واحدة- طلب إحالة القضية الثانية إلى المحكمة المرفوعة أمامها القضية الأولى .


 ويشترط لقبول الدفع بالإحالة :-👇


👈1) أن تكون القضيتان دعوى واحدة بالمعنى الصحيح بأن يكون موضوعهما واحد وسببهما واحد وأن يكون الخصوم في إحداهما هم نفس الخصوم في الأخرى . 


👈2) أن تكون الدعوى مرفوعة بالفعل أمام المحكمتين ، فلا محل للإحالة إذا كانت إحدى الخصومتين قد انقضت بالفعل في موضوعهما أو انقضت بغير حكم في موضوعها . 


👈3) أن تتبع كل من المحكمتين جهة القضاء العادي ، فلا تجوز الإحالة إذا كانت الدعوى مرفوعة أمام محكمة القضاء الإداري وإحدى المحكم المدنية .


👈4) أن تكون المحكمة المطلوب الإحالة إليها مختصة بنظر الدعوى .


👈5) و أخيرا إن يتم إبداء الدفع قبل الخوض في الموضوع و قبل أي دفع شكلي أخر و إلا سقط الحق في التمسك به .


وتكون إجراءات الدفع بالإحالة والحكم فيه بأن يقدم هذا الدفع إلى المحكمة المختصة التي رفعت أمامها الدعوى متأخرا ، وهذه المحكمة تفصل فيه وإذا قضت بالإحالة فأن المحكمة المحال إليها تلتزم بنظرها . 


🔸️رابعاً: الإحالة للارتباط :- 

الارتباط هو قيام صلة وثيقة بين دعويين تجعل من المناسب ومن حسن سير العدالة جمعهما أمام محكمة واحدة لتحققهما وتحكم فيها معاً منعاً من صدور أحكام لا توافق بينهما . 

ويتحقق الارتباط ولو لم يكن السبب والموضوع في الدعويين واحد ولا يلزم أن يكون الخصوم في إحداهما هم الخصوم في الأخرى . ومن أمثلة الارتباط، دعوى الفسخ اللتان يرفعهما كل من الطرفين على بسبب عدم الوفاء بالالتزامات ، ودعوى الموكل على الوكيل بتقديم حساب ودعوى الوكيل على الموكل بطلب مصاريفه وأتعابه . 


ويشترط لجواز الحكم بالإحالة: -👇


👈1) أن تكون المحكمة المطلوب الإحالة أليها مختصة بالدعوى القائمة أمامها .


👈2) آن تكون المحكمة المطلوب الإحالة إليها مختصة بالدعوى المطلوب إحالتها ولا يلزم أن تكون هذه المحكمة مختصة بها اختصاصا محلياً و إنما يجب مراعاة قواعد الاختصاص النوعي و القيمي عند الإحالة. 


👈3) أن تكون المحكمتان تابعتين لجهة القضاء العادي ، وان تكون من درجة ، وإلا ترتب على ذلك إخلال بدرجات التقاضي ، فلا تجوز الإحالة من محكمة أول درجه إلى محكمة ثاني درجه والعكس صحيح . 


وتكون إجراءات الدفع بالإحالة والحكم فيه بأن يقدم الدفع بالإحالة للارتباط إلى أي من المحكمتين وهي التي تقوم بالفصل فيه ولها أن ترفضه ولو تحققت شروط الإحالة المتقدمة الذكر ، وذلك إذا علت على صلة الارتباط اعتبارات أخرى ، كان تكون الدعوى المرفوعة أمامها أكبر أهميه من الدعوى القائمة أمام المحكمة الأخرى .


🔹️المبحث الثاني : الدفوع الموضوعية(1):-

▪️أولا التعريف:

هو الدفع الذي يوجهه الخصم إلى موضوع الدعوى بقصد المنازعة في الحق المدعى به أما عن طريق أو تأكيد واقعة تؤثر في وجوده أو مقداره أو استحقاقه أو تنظيمه القانوني .

و هنا نرى أن الدفع الموضوعي يستخدمه المدعى عليه في مواجهة المدعي موجها إياه إلى الحق المدعى به و ذلك كالتمسك بواقعة معاصرة لنشأة الحق المدعى به ترتب منع إنتاج كل أو بعض أثارها القانونية كما لو تمسك المدعى عليه بصورية العقد أو بإبطاله للغلط .


أو بالتمسك بواقعة من شأنها إنها كافة أثار الواقعة التي يتمسك بها المدعي كالتمسك بالوفاء بالحق المدعى به .أما ما يذهب إليه من أن الإنكار أي إنكار الحق المدعى به – إنكار الواقعة المنشئة – أو إنكار أثارها يعتبر دفعا موضوعيا فمن وجهة نظري أن مثل هذا الإنكار لا يعتبر دفعا كون الدفع هو دعوى و الدعوى يترتب عليها انتقال عبء الإثبات من المدعي إلى المدعى عليه كما أن الإنكار ما هو إلا دفع بمعناه اللغوي بمعنى رد القول لا بمعنى الدعوى و لهذا فقد أوردت التعريف السابق كونه يتوافق مع ما ذهب إليه بعض فقهاء القانون (2).


ويعد الدفع الموضوعي وسيلة دفاع ممتازة لأنه يوجه إلى الحق المرفوعة به الدعوى كالدفع بتزوير مستند العقد أو الدين ، والدفع بانقضاء الدين بالوفاء أو بالتقادم أو بالمعاوضة وكالدفع بعدم دستورية القانون أو عدم صحة التكليف الذي أنزله القاضي على واقعات النزاع .


والدفوع الموضوعية لا تقع تحت حصر، ومصدرها القانون الموضوعي المدني أو التجاري وما تفرع منهما وإذا كانت متعلقة بالقانون العام فمصدرها ذلك القانون بفروعه المختلفة.


▪️ثانيا : النظام القانوني للدفع الموضوعي :- 


يتميز الدفع الموضوعي بقواعد خاصة عن الدفوع الأخرى وتتمثل تلك القواعد في الأتي :👇


👈1) لا يتقيد الخصم في إبداء الدفوع الموضوعية بترتيب معين حيث يجوز تقديمها في أية حالة تكون عليها الإجراءات ولو لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية. 


👈2) يعتبر الحكم في الدفع الموضوعي قبولاً أو رفضاً حكماً قطعياً في الموضوع لذلك فأنه يرتب حجية الأمر المقضي بمجرد صدوره .


👈3) يستنفذ الحكم الصادر في الدفع الموضوعي سلطة أول درجة بالنسبة لموضوع الدعوى . 


فلو الغي الحكم في الدفع من محكمة الاستئناف ولو لعيب شكلي فإنها تفصل في الموضوع في هذه الحالة. 


👈4) لا يجوز تقديم الدفع الموضوعي أمام محكمة النقض لأن هذه المحكمة محكمة قانون وليست محكمة واقع إلا أنه يجوز تقديم الدفع الموضوعي المتعلق بالنظام العام أمام محكمة النقض كما يجوز لها أن تأخذ يه من تلقاء نفسها بشرط تنبيه الخصوم إلى ذلك . 


على أن الدفع الموضوعي المتعلق بالنظام العام إذا لم يقدم في عريضة الطعن فإنه يسقط الحق في تقديمه فالدفوع أمام هذه المحكمة ذات طابع خاص . 


👈5) أوجب قانون المرافعات اليمني النافذ من خلال المواد ( 185 ، 186، 188) على المحكمة أن تحكم في الدفع الموضوعي إذا كان متعلق بالنظام العام قبل الفصل في الموضوع بحكم مسبب بل أنه ألزمها أن تفصل فيه قبل الفصل في الموضوع ولو لم يكن متعلقاً بالنظام العام . 


وعلى العموم فإن الدفوع الموضوعية هي التي يترتب على قبولها رفض لطلب المدعي كلياً أو جزئياً وتنظيمها في ذلك القوانين المنظمة للحقوق المتنازع عليها والمتعلقة بأصل الحق ونورد منها ما يلي :- 


▪️ثالثاً: بعض الدفوع الموضوعية التي نظمها القانون اليمني النافذ:-👇

⚖️ _ أ)بعض الدفوع الموضوعية التي نظمها قانون الإثبات اليمني النافذ:


👈1- الدفع بعدم سماع الدعوى إذا تقدم ما يكذبها محضاً . م /14 إثبات 


👈2- الدفع بعدم سماع الدعوى التي تكون على ملك كان للمدعي أو لمورثه إلا في الأحوال التي لا تكون لاحد يداً عليه في الحال أو أن يكون ديناً أو أن يدعي إقرار ذو اليد ملكه أو أن يكون وقفاً . م /14 إثبات نافذ.


👈3- الدفع بعدم سماع الدعوى التي تكون لغير المدعي لنفسه بحق أدمي محض إلا أن يكون المدعي له مما تلزمه نفقته أو شريكاً له في المدعى به . م/14 إثبات نافذ. 


👈4- الدفع بعدم سماع الدعوى التي تكون من أحد الزوجين على الآخر فساد عقد الزواج لا تسمع إلا مع دعوى نفي غير هذا العقد. م/14 إثبات نافذ .


👈5- الدفع بعدم سماع الدعوى بملك المؤرث لا يذكر موته مالكاً أو ذا يد. م/15 إثبات نافذ. 


👈6- الدفع بعدم سماع الدعوى من المقاسم أو وارثه في قسمه مستوفيه شروط صحتها إلا من القاصر بعد بلوغه والغائب بعد حضوره وبشرط أن لا يمضي سنه من وقت البلوغ أو الحضور .م/16 إثبات نافذ.


👈7- الدفع بعدم سماع الدعوى في شفعة العالم بالبيع في البلد بعد مضي ثلاثة أيام من وقت العلم بالبيع .م/17 إثبات نافذ .


👈8- الدفع بعدم سماع الدعوى في شفعة العالم بالبيع الغائب خارج البلد بعد مضي شهر من وقت العلم بالبيع .م/17 إثبات نافذ . 


👈9- الدفع بعدم سماع الدعوى من حاضر بعقار مضى عليه ثلاثون عاماً من يوم وضع اليد عليه من شخص يتصرف فيه تصرف المالك بلا مطالبة ولا قرابة ولا مصاهرة ولا ظروف غير عادية تسود فيها الفوضى أو التغلب ويتعذر فيها الوصول إلى الحق باستثناء الميراث والوقف والشركة فلا تحدد بمده. م/18 إثبات نافذ . 


👈10- الدفع بعدم سماع الدعوى من حاضر بحق متجدد كأجرة المباني والأراضي بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ الاستحقاق . م/20 إثبات نافذ . 


👈11- الدفع بعدم سماع دعوى القاصر فيما باعته أمه أو من له ولاية عليه للضرورة أ, الأنفاق إذا كان بثمن الزمان والمكان .م/20 إثبات نافذ. 


👈12- الدفع بعدم سماع الدعوى من ذي مهنة حاضراً كالطبيب وغيره بحق من حقوق مهنته أو مصروفات تكبدها في أدائه بعد مضي سنة من وقت أداء العمل .م/21 إثبات نافذ . 


👈13- الدفع بعدم سماع الدعوى من حاضر في حقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها لأشخاص لا يتجرون فيها مع عدم المطالبة بعد مضي سنه من تاريخ الاستحقاق .م/22 إثبات نافذ .


👈14- الدفع بعدم سماع الدعوى في حقوق أصحاب الفنادق والمطاعم وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم بعد مضي سنه من تاريخ الاستحقاق . م/22 إثبات نافذ. 


👈15- الدفع بعدم سماع الدعوى في حقوق العمال والخدام والأجراء من أجور يوميه وغير يوميه أ, ثمن ما قاموا به من توريدات لمخدوميهم بعد مضي سنه من تاريخ الاستحقاق .م /22 إثبات نافذ . 


👈16- الدفع بعدم سماع الدعوى من حاضر بسائر الحقوق التي لا تتعلق بعقار ولم يرد ذكرها في المواد (19 ، 20 ، 21 ، 22) من قانون الإثبات مع عدم المطالبة بعد مضي خمس سنوات من تاريخ الاستحقاق . م/23 إثبات نافذ.


⚖️ _ ب) بعض الدفوع الموضوعية التي نظمها القانون الجنائي اليمني النافذ:-👇


👈1- الدفع بانقضاء الحق في الشكوى بعد مضي أربعة أشهر من يوم علم المجني عليه أو بارتكاب أو بزوال العذر القهري الذي حال دون تقديم الشكوى في جرائم القذف والسب وإفشاء الأسرار والإهانة بالقول أو بالفعل أو الإيذاء الجسماني البسيط ما لم تكن تلك الجرائم وقعت على مكلف بخدمة عامة أثناء قيامه بواجبه أو بسببه .م/(27،29) إجراءات جزائية .


👈2- الدفع بانقضاء الحق في الشكوى بعد مضي أربعة أشهر من يوم علم المجني عليه أو بارتكاب أو بزوال العذر القهري الذي حال دون تقديم الشكوى في الجرائم التي تقع على الأموال فيما بين الأصول والفروع والزوجين والاخوة والأخوات . م/(27،29) إجراءات جزائية .


👈3- الدفع بانقضاء الحق في الشكوى بعد مضي أربعة أشهر من يوم علم المجني عليه أو بارتكاب أو بزوال العذر القهري الذي حال دون تقديم الشكوى في جرائم الشيكات . م/(27،29) إجراءات جزائية .


👈4- الدفع بانقضاء الحق في الشكوى بعد مضي أربعة أشهر من يوم علم المجني عليه أو بارتكاب أو بزوال العذر القهري الذي حال دون تقديم الشكوى في جرائم التخريب والأضرار بالأموال الخاصة وقتل الحيوانات دون مقتضى والحريق غير العمدي وانتهاك حرمة ملك الغير وكذلك في الأموال الأخرى التي نص عليها القانون. م/(27،29) إجراءات جزائية .


👈5- الدفع بسقوط الحق في الشكوى لموت المجني عليه .م/29 إجراءات جزائية. 


👈6- الدفع بانقضاء الدعوى الجزائية بوفاة المتهم.م/36 إجراءات جزائية.


👈7- الدفع بانقضاء الدعوى الجزائية بمضي المدة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك .م/37 إجراءات جزائية.


👈8- الدفع بانقضاء الحق في سماع الدعوى الجزائية في الجرائم الجسيمة بمضي عشر سنوات من يوم وقوع الجريمة. م/38 إجراءات جزائية.


👈9- الدفع بعدم تحريك الدعوى الجزائية عند عدم وجود جريمة . م/42 إجراءات جزائية.


👈10- الدفع بعدم تحريك الدعوى الجزائية إذا لم تتوفر عناصر الجريمة .م/42 إجراءات جزائية.


👈11- الدفع بعدم تحريك الدعوى الجزائية لعدم بلوغ المتهم سن المسألة الجزائية . م/42 إجراءات جزائية.


👈12- الدفع بعدم تحريك الدعوى الجزائية لسبق صدور حكم في القضية غير قابل للطعن . م/42 إجراءات جزائية.


👈13- الدفع بعدم تحريك الدعوى الجزائية لسبق صدور قرار بالا وجه لإقامة الدعوى واستنفاذ طرق طعنه. م/42 إجراءات جزائية.


👈14- الدفع بعدم تحريك الدعوى الجزائية بصدور عفو عام أو خاص . م/42 إجراءات جزائية.


👈15- الدفع بعدم تحريك الدعوى الجزائية بوفاة المتهم . م/42 إجراءات جزائية.


👈16- الدفع بعدم تحريك الدعوى الجزائية بانقضاء الدعوى بالتقادم . م/42 إجراءات جزائية.


👈17- الدفع بانقضاء الاتهام بوفاة المخالف أو بمضي سنه على وقوع المخالفة دون اتخاذ إجراءاتها.م/7 أحكام المخالفات.


👈18- الدفع بأسباب الإباحة المنصوص عليها في المواد (26 ،37 ) من قانون الجرائم والعقوبات لاستبعاد صفة الجريمة. 


⚖️_ ج) بعض الدفوع الموضوعية التي نظمها القانون المدني اليمني النافذ:- 👇


👈1- الدفع بعدم سماع دعوى الغبن إذا رفعت بعد ثلاث سنوات من تاريخ العقد مع عدم المانع .م/181 مدني نافذ. 


👈2- الدفع بعدم سماع دعوى بطلب إبطال العقد بعد مضي ثلاث سنوات مع عدم المانع وتبدأ المدة بالنسبة للصغير من يوم بلوغه رشيداً ، وناقص الأهلية غير الصغير من يوم زوال سبب ذلك وفي حالتي الغلط والتدليس من اليوم الذي ينكشف فيه .م/200 مدني نافذ.


👈3- الدفع بعدم سماع الدعوى باسترداد ما دفع بغير وجه حق بعد انقضاء عشر سنوات من اليوم الذي يعلم فيه كل طرف بحقه مع عدم المانع م/331 مدني نافذ.


👈4- الدفع بعدم سماع الدعوى بوقف نفاذ التصرف بانقضاء مدة ستة أشهر من اليوم الذي يعلم فيه الدائن بحقه في طلب وقف نفاذ التصرف مع عدم وجود المانع .م/368 مدني نافذ.


👈5- الدفع بانقضاء الحق بالوفاء به أو بما يعادل الوفاء مع القبول أو تجديد أو المسا قطه به أو اتحاد الذمة فيه أو بدون وفاء في حالة الإبراء منه أو باستحالة تنفيذه دون إخلال بالتعويض عنه ممن يلزمه ذلك .م/396 مدني نافذ. 


👈6- الدفع بعدم سماع الدعوى بإبطال البيع أو بتكملة الثمن بعد مضي ثلاث سنوات من وقت توافر الأهلية في مالك العقار المبيع أو من وقت موت المالك .م/513 مدني نافذ . 


👈7- الدفع بعدم سماع دعوى المشتري أو دعوى البائع بسبب نقص أو زيادة المبيع أذا انقضت سبه من وقت تسليم المبيع للمشتري تسليماً فعلياً مع عدم وجود مانع .م/513 مدني نافذ . 


👈8- الدفع بعدم سماع الدعوى بضمان ترتب على فوات وصف أو ظهور عيب في المبيع بعد مضي سنه من وقت تسليم المبيع للمشتري ولو لم يكتشف العيب إلا بعد ذلك ما لم يتفق المتعاقدان على مدة ضمان أطول .م/550 مدني نافذ. 


👈9- الدفع بانقضاء الحق بالوفاء إذا اثبت المدين أن الوفاء به اصبح مستحيلاً عليه لسبب أجنبي لا يد له فيه إلا ما استثني بنص. م/441 مدني نافذ .


👈10- الدفع بسقوط حق البائع في حبس المبيع إذا أحال أحداً على المشتري بكل الثمن أو بما بقي له فيه وقبل المشتري .م/554 مدني نافذ. 


👈11- الدفع بعدم سماع الدعوى المتعلقة بالعمل بانقضاء سنة من وقت انتهاء عقد العمل .م/ 80 مدني نافذ. 


👈12- الدفع بعدم سماع الدعاوى المتعلقة بالعمالة والمشاركة في الأرباح والنسبة من جملة الإيرادات والنتاج أو ما شاكل ذلك بعد مضي سنه من الوقت الذي سلم فيه رب العمل إلى العامل بياناً بما يستحقه طبقاً لأخر جرد .م/800 مدني نافذ . 


👈13- الدفع بعدم سماع الدعوى بالاسترداد بعد مضي سنه من وقت قبض الأجور التي لا تتفق مع الأسعار المقررة .م/902 مدني نافذ . 


👈14- الدفع بعدم سماع الدعوى من المسافر قبل صاحب المكان بانقضاء ستة أشهر من اليوم الذي يغادر فيه المكان .م/954 مدني نافذ. 


👈15- الدفع بعدم سماع الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بعد انقضاء خمس سنوات على حدوث الواقعة التي تولدت عنها أو من تاريخ علم ذي المصلحة بوقوعها .م/ 1077 مدني نافذ .


👈16- الدفع بعدم سماع دعوى الملك من حاضر على ذي اليد الثابتة الذي يتصرف تصرف المالك بلا مطالبة ولا قرابة ولا مصاهره ولا ظروف غير عاديه تسود فيها الفوضى أو التغلب ويتعذر فيها الوصول إلى الحق بعد مضي ثلاثين سنه من يوم وضع اليد .م/1118 مدني نافذ


 ⚖️_  د) بعض الدفوع الموضوعية التي نظمها القانون التجاري اليمني النافذ:-👇


👈1- الدفع بتقادم حق المشتري في طلب الفسخ أو إنقاص الثمن وحق البائع في طلب تملكه الثمن بمضي سنه من يوم التسليم الفعلي .م/91 تجاري نافذ .


👈2- الدفع بتقادم دعوى ضمان العيب بسنه من يوم تسليم المبيع .م/93 تجاري نافذ.


👈3- الدفع بتقادم الدعوى الناشئة عن عقد نقل الأشياء أو عقد الوكالة بالعمولة للنقل أ, بدعوى المسؤولية عن الهلاك الكلي للأشياء بسنة من اليوم الذي يجب فيه التسليم وعن التأخير أو التلف أو الهلاك الجزئي للأشياء من يوم التسليم أو من اليوم الذي وضع فيه الشيء تحت تصرف المرسل إليه .م/144 تجاري نافذ .


👈4- الدفع بسقوط الحق في رفع دعوى المسؤولية عن الناقل الجوي بمرور سنتين من يوم بلوغ الطائرة جهة الوصول أو من اليوم الذي كان يجب أن تصل فيه أو من يوم وقف النقل . م/212 تجاري نافذ.


👈5- الدفع بعدم سماع الدعوى الناشئة عن الكمبيالة تجاه قابلها بمضي ثلاث سنوات من تاريخ الاستحقاق .م/519 تجاري نافذ. 


👈6- الدفع بعدم سماع الدعوى الناشئة عن حامل الكمبيالة تجاه المظهرين أو الساحب بمضي سنه من تاريخ الاعتراض (البروتستو) المحرر في الميعاد القانوني أو من تاريخ الاستحقاق إن اشتملت الكمبيالة على شرط الإعفاء من الاعتراض .م/519 تجاري نافذ.


👈7- الدفع بعدم سماع دعوى المظهرين بعضهم تجاه بعض أو تجاه الساحب بمضي ستة أشهر من اليوم ألذي وفىَ فيه المظهر الكمبيالة أو من يوم إقامة الدعوى عليه .م/519 تجاري نافذ.


👈8- الدفع بتقادم دعاوى رجوع حامل الشيك على المسحوب عليه والساحب والمظهر وغيرهم من الملتزمين بمضي ستة اشهر من تاريخ انقضاء ميعاد تقديم الشيك .م/566 تجاري نافذ. 


👈9- الدفع بتقادم دعوى رجوع مختلف الملتزمين لوفاء الشيك بعضهم تجاه بعض بعد مضي ستة أشهر من اليوم الذي وفىَ فيه الملتزمين أو من يوم مطالبته قضائياً .م/566 تجاري نافذ.


👈10-الدفع بسقوط الدعاوى الناشئة عن تطبيق الأحكام المنصوص عليها في المواد (599 ، 601، 603) تجاري نافذ بمضي سنه من تاريخ الحكم بشهر الإفلاس .م/604 تجاري نافذ.


🔘دراسة لفكرة الدفع بعدم دستورية القانون كتطبيق للدفوع الموضوعية :-


▪️أولا :- التعريف :-

هو عبارة عن دفع موضوعي يتعلق بمسألة أولية هي دستورية و هي تسبق الفصل في موضوع الدعوى . 

و الدفع بعدم دستورية القانون هو إحدى وسائل الرقابة القضائية على دستورية القانون غايته حماية الشرعية القانونية التي تؤدي إلى ضمان الحريات الفردية و العامة للمواطنين و الوسيلة الثانية هي الدعوى المباشرة بعدم دستورية القانون و قد اخذ المشرع اليمني بكلتي الوسيلتين إلا أن تنضيمه للوسيلتين السابقتين يختلف عن النظم القضائية الأخرى .


▪️ثانيا : موضوعه :-

و موضوع الدفع بعدم دستورية القانون هو عدم مطابقة القانون للدستور و المقصود بالقانون بمعناه الشكلي هو عبارة عن مجموعة القواعد القانونية المجردة الصادرة عن السلطة التشريعية بإجراءات خاصة . و بمعناه الموضوعي هو عبارة عن كل قاعدة عامة مجردة سواء صدرت عن السلطة التشريعية او التنفيذية كاللوائح بجميع أنواعها لان مضنة الخروج على أحكام الدستور قائمة بالنسبة أليها جميعا و هذا الرأي الذي تناه القضاء المصري . و المعيار الموضوعي هو الأولى بالتأييد و يتفق مع ما نادى به كبار فقهاء القانون العربي و الأجنبي .


▪️ثالثا :اوجه مخالفة القانون للدستور :-

قد تكون تلك المخالفة موضوعية عندما يخالف التشريع الضوابط العامة المنصوص عليها في الدستور مثل ( كفالة الحريات العامة – حق الملكية مصون – للمساكن حرمة – كفالة حرية الرأي و التعبير– كفالة حق التقاضي و الدفاع ) و قد يخالف التشريع نصوص محددة في الدستور مثل قاعدة عدم جواز رجعية القانون في المسائل الجنائية – قاعدة المتهم بريء حتى تثبت إدانته وفقا لمحاكمة عادلة – و قاعدة عدم جواز إنشاء محاكم استثنائية . فلو خالف التشريع هذه القواعد كان مشوبا بعدم الدستورية كما قد تكون المخالفة الدستورية متعلقة بالاختصاص كإصدار قانون من السلطة التنفيذية و هي لا تملك ذلك كما تكون المخالفة عيبا في التشريع إذا صدر التشريع من السلطة المختصة إلا انه كان على خلاف أحكام الدستور لانحرافه عن الغاية التي ابتغاها الدستور من التشريع . و قد تتمثل المخالفة للدستور في المخالفة للقيد الزمني في ممارسة التشريع كأن تصدر السلطة التشريعية قانونا بعد انتهاء ولايتها و قد تكون المخالفة الدستورية متمثلة في الشكل الذي يصدر به القانون بدون مراعاة الإجراءات اللازمة لصدوره و المدونة في الدستور و المنظمة في اللائحة الداخلية . 


▪️رابعا : النظام القانوني للدفع بعدم دستورية القانون :- 

أن الدفع بعدم الدستورية و أن كان تطبيقا من تطبيقات الدفع الموضوعي إلا انه يتميز بأحكام خاصة تختلف عن الأحكام القانونية للدفع الموضوعي تتمثل في القواعد آلاتية :-👇


👈1- المحكمة المختصة في الفصل بالدفع : تختلف النظم القضائية في بيان المحكمة المختصة بالفصل في الدفع فهناك نظامان قانونيان هما :👇

▪️النظام الأول : و هذا النظام يجعل من اختصاص محكمة الموضوع الفصل في الدفع بعدم الدستورية و يجعل من سلطة الخصم سواء كان متهما أو مدعى عليه أن يدفع بعدم دستورية القانون الذي يحكم النزاع فإذا اثبت دفعه كان على محكمة الموضوع الامتناع عن تطبيق القانون فقط و لا تحكم بعدم دستورية القانون كما أن هذا الحكم لا يقيدها في قضية أخرى و هذا ما يسير عليه النظام القضائي في الولايات المتحدة الأمريكية .


▪️النظام الثاني : و هذا النظام توجد فيه محكمة مختصة لنظر الدفع بعدم الدستورية فإذا تقدم الخصم بدفع بعدم دستورية القانون الذي يحكم النزاع أمام محكمة الموضوع و رأت المحكمة أن الدفع مبنيا على أساس صحيح قررت وقف السير في نظر النزاع و إحالة الدفع إلى المحكمة الدستورية كما هو الشأن في النظام القضائي اليمني و يتضح ذلك من خلال نص المادة (186/7) مرافعات نافذ أو تكليف مقدم الدفع برفع دعوى خلال اجل محدد أمام المحكمة الدستورية العليا كما هو الشأن في النظام القضائي المصري . و ميزة هذا النظام تؤدي إلى وحدة الأحكام الصادرة بعدم الدستورية و كذلك فان الحكم الصادر بعدم دستورية القانون يكون حكم ملزما للكافة لانه يكون بمثابة التشريع . أما إذا رأت محكمة الموضوع أن الدفع غير مبني على أساس صحيح فان عليها أن تحكم بعدم قبول الدفع .


و على محكمة الموضوع أن تحيل الدفع و أوراقه إلى المحكمة العليا ( الدائرة الدستورية ) مصحوبا بطلب منها الفصل في دستورية القانون لان المحكمة العليا لا تقبل القضية الدستورية إلا بناء على طلب من المحاكم أو دعوى ترفع بالإجراءات العادية لرفع الدعوى . إلا إذا رأت المحكمة العليا بمناسبة نظرها دفهاً أو دعوى بعدم الدستورية أن هاك نصوصا أخرى في القانون غير دستوريه فان لها الحق في الحكم بعدم دستوريته . لأن مخالفة القانون للدستور تتعلق بالنظام العام مما يجوز للمحكمة العليا أن تقضي في ذلك من تلقاء نفسها . 


👈2- مدى تعلق الدفع بعدم الدستورية بالنظام العام :

إن قانون المرافعات اليمني من خلال نص المادة (186/7) قرر بأن الدفع بعدم دستورية القانون من النظام العام وبالتالي فأنه يجوز أثارته ولو لأول مره أمام المحكمة العليا كما أن للمحاكم أي كانت درجتها أن تثيره ولو من تلقاء نفسها وفي هذه الحالة عليها أحالته إلى الدائرة الدستورية للفصل في مسألة عدم دستورية القانون


👈3- أثر الحكم بعدم دستورية القانون :

أن قانون المرافعات اليمني من خلال نص المادة(234/1) والتي جعلت للحكم الصادر في مسألة دستورية القانون من عدمه أي انه إذا ما كان صادراً إيجابا أو سلباً جعلت له الحجية المطلقة على الكافة بحيث أن القاعدة العامة هي قصر حجية الأحكام على أطراف الخصومة وموضوعها وسببها إلا انه وضع استثناء على هذه القاعدة عدد من الأحكام الصادرة ومنها الحكم الصادر بعدم دستورية القانون حيث يكون له حجية مطلقة على الكافة بغض النظر عن وحدة السبب والموضوع . 


🔹️المبحث الثالث : اوجه التفريق بين الدفوع الشكلية(الإجرائية) والموضوعية: 

قد رأينا سابقاً من أن الدفوع الشكلية دفوع توجه للإجراءات التي رفعة بها الخصومة إلى القضاء أي أن الدفع الشكلي يوجه إلى الإجراءات وعلى عكس ذلك فإن الدفع الموضوعي يوجه إلى الحق المدعى به بقصد منع القضاء من الحكم للخصم به وعلى ذلك فإن اوجه التفرق بين مضمون الدفع الشكلي وإجراءات الدعوى هي كا لتالي :👇


👈1- يتعين إبداء الدفع الشكلي قبل التكلم في موضوع الدفع وإلا سقط حق الخصم في التمسك به ما لم يكن الدفع متعلقاً بالنظام العام التي يجوز إبداءها في أي مرحلة تكون عليها الدعوى كالدفع بانعدام الحكم لصدوره من قاضي انتهت ولايته ، أما الدفع الموضوعي فيحق إبداءه في أي مرحلة عليه الدعوى أمام محكمتي الموضوع الأولى و الثانية ولا يجوز إبداءه أمام محكمة النقض كون هذه المحكمة ذات طابع خاص لا يجوز معه إبداء الدفع الموضوعي أمامها لأول مرة ما لم يكن متعلقاً بالنظام العام كالدفع بعدم سماع الدعوى لتقدم ما يكذبه محضاً طبقاً لنص المادة(186/4) مرافعات نافذ .


👈2- يجب إبداء الدفوع الشكلية معاً أو ما يراد إبداءه منها دفعةً واحدة ، ويجب إبداء جميع الوجوه التي بني عليها الدفع كلاً على حده مع مراعاة الدفوع الإجرائية ذات الأولوية كالدفع بعدم الاختصاص المكاني وإلا سقط الحق في كل دفعاً إجرائي لم يقدم أو الأسباب التي لم يتم ذكرها في عريضة الدفع عملاً بنص المادة(181) مرافعات نافذ كما أن عدم مراعاة ترتيب الدفوع ذات الأولوية وتأخير إبداءها في عريضة الدفع قبل أي دفع إجرائي قد يعتبر تنازلاً ضمنياً عنة حق التمسك به وهذا بعكس الدفوع الموضوعية التي يجوز إبداء الدفوع الموضوعية مع عدم مراعاة أي ترتيب في إبداءها أو للأسباب التي بني عليها الدفع ولا يعتبر تنازلاً ضمنياً تقديم دفع موضوعي عن آخر أو التأجيل لبعض الأسباب التي قد يبنى عليها الدفع الموضوعي .


👈3- الأصل أن المحكمة تقضي في الدفع الشكلي قبل الخوض في الموضوع وذلك بقرار مسبب كون قبول الدفع الشكلي يغني المحكمة عن التعرض للموضوع ولكن يجوز للمحكمة أن تضم الدفع للموضوع بشرط أن تصدر حكماً تبين فيه أسباب قبول الدفع من عدمه بعيداً عن الفصل في الموضوع . 


👈4- الحكم الصادر بقبول الدفع الشكلي لا يمس اصل الحق المدعى به و إنما يترتب عليه أنها النزاع أما م المحكمة التي تفصل في قبول الدفع ومع ذلك يجوز رفع الدعوى بإجراءات صحيحة أما الحكم الصادر بالدفع الموضوعي فيترتب عليه إنهاء النزاع في اصل الحق المدعى به .


👈5- الحكم الصادر في لدفع الشكلي استقلالاً قبل الفصل في الموضوع يجعل ولاية المحكمة الاستئنافية إذا ما طعن في الحكم الصادر من محكمة أول درجة سواء بقبول الدفع أو رفضه يجعل ولايتها قاصرة في النظر في الدفع ولا يجوز لها أن تفصل في الموضوع كون محكمة أول درجة لم تستنفذ ولايتها عليه وعلى محكمة ثاني درجه إذا ما ألغت الحكم الصادر في الدفع من محكمة أول درجه فعليها إعادة الملف لمحكمة أول درجة لتستنفذ ولايتها في الموضوع وذلك بعكس الدفع الموضوعي كون الحكم الصادر من محكمة أول درجه في الدفع الموضوعي يعد استنفاذ لولايتها في نظر موضوع النزاع مما يجعل ولاية محكمة الاستئناف كاملة في نظر موضوع النزاع طبقاً لشروط القانون .


👈6- الحكم الصادر في الدفع الشكلي يعد حكماً فرعياً أو جزئياً أي قبل الفصل في الموضوع أما الحكم الصادر في الدفع الموضوعي بقبول الدفع أو رفضه يعد حكماً كلياً في موضوع النزاع وتستنفذ به المحكمة ولايتها في نظر النزاع .


🔹️المبحث الرابع : الدفع بعدم القبول : 

و هو الوسيلة القانونية التي يعترض بها الخصم على عدم توفر الشروط القانونية للدعوى أو ينكر بها الخصم حق خصمه في الدعوى .

و على ذلك فان الدفع بعدم القبول يستخدمه المدعى عليه كوسيلة يتمسك بها بوجوب الحكم بعدم قبول الدعوى لانعدام المصلحة أو الصفة أو كالدفع بعدم قبول الطعن لفوات الميعاد م(186/5) . 


وعلى ذلك فإن الدفع بعدم القبول ما نص عليه قانون المرافعات اليمني فإنه يوجه إلى شروط قبول الدعوى أو الطعن أو حق الخصم في رفعهما وذلك بخلاف القانون المصري الذي اعتمد التقسيم الثنائي للدفوع وجعل الدفع بعدم القبول أما شكلي أو إجرائي وهذا عكس ما أخذ به القانون اليمني من خلال المادة (179) مرافعات نافذ والتي اعتمد النظام الثلاثي للدفوع وجعل الدفع بعدم القبول اعتراضا على شروط قبول الدعوى أو الطعن أي انه يوجه إلى الوسيلة التي تحمي الحق و هي الدعوى إما لعدم توافر شروط قبول الدعوى أو لانعدام حق الخصم في الدعوى . 


و من خلال نصوص قانون المرافعات اليمني رقم (40) لسنة 2002م المادة (187) فان الدفع بعدم القبول و هو ما عبر عنه القانون ( بعدم جواز النظر) يجوز إبداءه في أي مرحلة تكون عليها الدعوى أمام درجتي التقاضي و أن على المحكمة أن تفصل فيه قبل الخوض في الموضوع كما يجوز إبداءه و لو أول مرة أمام محكمة النقض إذا ما كان متعلقا بالنظام العام . و على ذلك فان الدفع بعدم القبول دفع يستقل بذاته عن الدفوع الشكلية أو الدفوع الموضوعية و أن كان هناك بعض اوجه الشبه بينه و بين الدفع الشكلي أو الموضوعي في بعض النواحي. 


👈1- سلطة المحكمة في التعرض للدفع :

تختلف سلطة المحكمة إزاء هذا الدفع حسب سبب عدم القبول فإذا كان السبب يتعلق بمصلحة عامة كان على المحكمة أن تقضي بعدم قبول الدعوى من تلقاء نفسها كالحكم بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها أما إذا تعلق الدفع بمصلحة خاصة كالدفع بالتقادم فإنها لا تحكم به من تلقاء نفسها و إنما لابد من التمسك به من قبل الخصم ذي المصلحة وعل ذلك متى رأت المحكمة أن الدفع متعلق بالنظام العام أو بالاحرى وجود أسباب تمنع المحكمة من قبول الدعوى وكانت هذه الأسباب متعلقة بالنظام العام وتبينت المحكمة أثناء السير في نظر النزاع ولم يتمسك بها أحد من الخصوم كان لها أن تتعرض لتلك الأسباب من تلقاء نفسها وتصدر حكمها بعدم السير في الدعوى بعد أن تنبه الخصوم إلى ذلك حتى يبدو ملاحظاتهم صوناً لمبداء المواجهة .


👈2- كيفية الفصل في الدفع : 

أن قانون المرافعات اليمني أوجب على المحكمة من خلال نص المادة(187) ان تقضي في الدفع بعدم القبول قبل الفصل في الموضوع وأوجب النص على المحكمة أن تفصل فيه قبل الفصل في الموضوع وعلى ذلك لا يجوز للمحكمة أن تصدر قراراً بضم الدفع بعدم القبول إلى الموضوع .


👈3- حجية الحكم الفاصل في الدفع :

إن الحكم الصادر في الدفع بعدم القبول سواء بقبوله أو رفضه لا تحوز حجية الأمر المقضي به كون هذا الوصف لا يترتب ألا على الأحكام التي تفصل في موضوع الحق أو المركز القانوني والحكم بالدفع بعدم القبول لا يفصل في الموضوع و إنما يفصل في مسألة اجرائيه يترتب على قبول الدفع عدم خوض المحكمة في الموضوع والفصل فيه .


👈4- لا يؤدي الحكم في الدفع بعدم القبول إلى استنفاذ سلطة المحكمة بالنسبة للموضوع :

أن الحكم بالدفع بعدم القبول لا يعد فصل في الموضوع و إنما يعد فصلاً في مسألة إجرائية آثارها الخصم ومنع المحكمة من نظر موضوع النزاع وبالتالي فإن الحكم الصادر من محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى وإلغائه من قبل محكمة ثاني درجه يلزم هذه الأخيرة إعادة الملف إلى المحكمة الابتدائية للفصل في الموضوع وذلك كي تستنفذ محكمة أول درجة ولايتها في نظر النزاع وحتى لا يفوت على الخصوم درجة من درجات التقاضي .


🔹️الفصل الثالث:- مناقشة المادة (179) على ضوء المفاهيم القانونية 

و من خلال ما أوردناه سابقا يجب علينا أن ندخل في صلب موضوع هذه الدراسة تعريف قانون المرافعات اليمني رقم (40) لسنة 2002م و الذي عرف الدفع من خلال نص المادة (179) و التي نصت على أن ( الدفع دعوى يبديها المدعى عليه أو الطاعن اعتراضا على موضوع الدعوى أو الطعن أو شروط قبولهما أو أي إجراء من إجراءاتهما ) . هذا هو النص القانوني مجال هذه الدراسة و الذي أراه معيبا بالقصور من حيث صياغته بحسب مفهومي الخاص . حيث أن مفهوم النص يوحي بان من حق الطاعن تقديم دفوع على الطعن مع انه هو من تقدم بالطعن في الحكم الصادر ضده طالبا إلغاءه ، و كذا من حيث صياغته بلفظ بالمدعى عليه و الطاعن في المادة (179) الذي من حقه تقديم الدفوع . و سوف نناقش ذلك من حيث أحقية الخصوم في استعمال الدفوع و إلى ماذا يوجهه الخصم ؟ و ذلك من خلال دراسة موجزة . 


👈1- لقد حاول المشرع اليمني تلافي القصور القانوني الموجود في قانون المرافعات السابق رقم (28) لسنة 1992م بشكل عام من خلال قانون المرافعات الجديد رقم (40) لسنة 2002م و بشكل خاص فقد حاول المشرع اليمني تلافي القصور الواضح في المادة (133) من القانون القديم و التي عرفت الدفع بأنه ( الدفع دعوى يبديها المدعى عليه لو ثبتت لبطلت دعوى المدعي في الادعاء القائم أو في الحق المدعى به ) . 


هذا النص و للوهلة الأولى يتضح للناظر فيه مدى القصور في النص حيث أن النص السابق قد قصر الحق في تقديم الدفوع على المدعى عليه فقط ، كما انه قد قصر الدفع على نوعين فقط و هما الدفع الموضوعي هو ما قصد به المشرع ( الحق المدعى به ) و الدفع الآخر هو الدفع بعدم القبول و هو ما عناه بقوله ( في الادعاء القائم ) و هو بذلك لم ينص على الدفع الإجرائي و الذي يعد الأكثر استعمالا من جانب الخصوم . 


👈2- و لتلافي ذلك عمل المشرع على تلافي هذا القصور و قد كان تم وضع تعريف من قبل لجنة التقنين في مجلس النواب و كانت برقم (176) في مشروع قانون المرافعات و التي عرفت الدفع بأنه ( يقصد بالدفع الوسيلة التي يتم بها الاعتراض على موضوع الدعوى أو الطعن أو أي إجراء من اجر ائتهما أو الحق فيهما أو شروط قبولهما ) . و قد بررت لجنة التقنين أن أسباب تعديل المادة (133) من القانون القديم بهذا النص و ذلك كي يشمل النص أنواع الدفوع . و في كل الأحوال فإن هذه التعريفات الثلاثة سواء الوارد في القانون القديم أو في مشروع القانون أو في القانون الجديد تعد مشتملة على جوانب من القصور في الصياغة و كذا مع ما تم استحداثه في قانون المرافعات الجديد و هي أحقية الخصم في تقديم دفع بانعدام الحكم في أي مرحلة من مراحل التقاضي و عدم سقوطه باعتباره من النظام العام بل ذهب إلى جواز رفع دعوى مبتدأه بانعدام الحكم متى ما توافرت الأسباب التي تجعل الحكم منعدما . و لنعرض و بشكل مختصر إلى منهم الذين لهم الحق في تقديم الدفوع . 


👈3- من المعلوم أن الدفع كما سبق ما هو إلا دعوى يستخدمها الخصم في مواجهة ادعاءات خصمه بقصد منع الحكم لخصمه بطلباته و الخصم هو لفظ عام يشمل كلا من المدعي و المدعى عليه و الطاعن و المطعون ضده أي و بشكل أخر فهو مصطلح يحتوي كافة أطراف الخصومة في كافة مراحل التقاضي و كون هذه الدراسة محددة حول القصور في النص القانوني و لكون لا خلاف حول أحقية المدعى عليه أو المطعون ضده في إبداء أي دفوع و إلى ماذا يتوجه الدفع كما أن لفظ المدعى عليه يشمل المدعى عليه و المدعي – إذا ما وجه إليه دفع من خصمه أو رفعت عليه دعوى فرعية - أمام محكمة أول درجة بحسب المفهوم العام للمصطلح و بحسب رأي فإنه يشمل كذلك المطعون ضده أمام محكمة ثاني درجة كون الطعن في الحكم ما هو ألا دعوى ذات شكل و طابع خاص و لكن صياغة النص على النحو السابق جعلت فيه نوع من القصور خاصة في استخدام الدافع من حيث إلى ماذا يتم توجيه و بشكل أدق أي من الخصوم الذي يعترض على الطعن اهو المدعى عليه إما الطاعن و بحسب مفهوم النص فان كلاهما يعترض على الطعن و لكون لا خلاف لدي في مفهوم المدعى عليه كما أوضحنا سابقا ألا أن ذكره مع الطاعن أوجد مشكلة في الصياغة و لذلك سوف اقصر هذه الدراسة على الطاعن و ذلك كون لفظ الطاعن لا يشمله لفظ المدعى عليه لكونه اللفظ يقتصر على من رفع الطعن أمام محكمة ثاني درجة أو أمام محكمة النقض . 


👈1- ماهية الطاعن 

و اقصد بالطاعن هنا هو من يرفع الطعن في الحكم الصادر من محكمة أول درجة أمام محكمة ثاني درجة لصدور حكم ضده من محكمة أول درجة بسبب دعوى رفعت عليه من قبل خصمه أو أن محكمة أول درجة قد حكمت عليه رغم انه رافع الدعوى على خصمه ابتداء أمامها أما لعجزه عن إثبات دعواه أو لعدم اختصاص المحكمة أو لتقديم خصمه أدلة تثبت كيدية الدعوى و عدم صحتها و إلى غير ذلك مما يجعل محكمة أول درجة تحكم عليه و في كل الأحوال فان الطاعن ما هو في حقيقته ألا محكوم عليه و هذا في رأي ما يخول له الحق في تقديم دفع مهما كان نوعه طالما أن القانون يعطيه الحق في ذلك و كذا أن الطعن ما هو ألا دعوى ذات طابع خاص حدد المشرع إجراءاته و شروطه و كون الطاعن يخاصم الحكم الصادر ضده فهو مدعي في ذلك و المدعي من حيث الأصل من حقه استعمال الدعوى لا الدفع للحفاظ على حقوقه و لكن كون الطاعن ما هو ألا محكوما عليه فهذه الصفة ما تخوله توجيه الدفوع و إبداءها في مواجهة الحكم الصادر ضده من محكمة أول درجة و لنستعرض دفوع الطاعن على ضوء تقسيم الدفوع كما اخذ به قانون المرافعات اليمني . 


👈3- دفوع الطاعن :


▪️1- و كما سبق فان الطاعن هو من يتقدم بطعن أمام محكمة ثاني درجة طالبا إبطال الحكم الصادر ضده من محكمة أول درجة و لذلك فله الحق في استعمال الدفوع سواء كانت دفوع شكلية أو موضوعية أو عدم القبول أمام محكمة ثاني درجة وفقا للشروط و القواعد التي حددها المشرع و توجيهها إلى الحكم الصادر ضده أما إلى إجراءات الدعوى التي صدر فيها الحكم أو ألا موضوع الدعوى الصادر فيها أو إلى أحقية الخصم في استعمال الدعوى التي صدر فيها الحكم و لنستعرض إلى أين يتم توجيه الدفع المقدم من الطاعن في ضوء أنواع الدفوع :👇


👈أ- الدفوع الموجهة إلى العمل الإجرائي : و كما تقدم بيانه فان الدفوع الشكلية دفوع لا توجه إلى موضوع الدعوى و لا إلى أحقية الخصم في استعمال الدعوى و إنما توجه إلى الإجراءات و اقصد هنا الطعن في العمل الإجرائي أو ما يعرف بتمسك الطاعن بسبب من أسباب البطلان الواردة على العمل الإجرائي و ليس على العمل القضائي و الذي يحكمه نظام انعدام العمل القضائي و هو ما سنتطرق له فيما بعد . و لذلك فان من حق الطاعن التمسك ببطلان الحكم لما شاب الحكم من بطلان كالقصور في التسبيب أو لما شاب أحد الأعمال الإجرائية من بطلان أثرة فيه و هو بذلك يوجهها إلى الإجراءات التي قام عليها الحكم أو إلى شروط صدور الحكم و لذلك نحن أمام وضعين : 


▪️الأول : انه قد تقدم أمام محكمة أول درجة بدفوع الإجرائية و هو بذلك يحق له التمسك بها أمام محكمة ثاني درجة طالبا من خلالها إبطال الحكم المطعون فيه طالما انه قد تمسك بهذا البطلان وفقا للطرق و الشروط المحددة قانونا و لم يصحح هذا البطلان بأي سبب من أسباب التصحيح كأن يتقدم أمام محكمة أول درجة بدفع ببطلان عريضة الدعوى للتجهيل بالمدعي أو المدعى به إلا أن محكمة أول درجة تفصل بعدم قبول الدفع و هنا يحق للطاعن التمسك بهذا الدفع أمام محكمة ثاني درجة طالما أن نعيه قد قام على أيساس و أن هذا البطلان لم يصحح أمام محكمة أول درجة . 


▪️الثاني : هو عدم تمسك الطاعن أمام محكمة أول درجة بدفاعه إلا أن القانون يعطيه الحق في إبدائها أمام محكمة ثاني درجة و ذلك أما لكون هذه الدفوع من النظام العام يحق التمسك في أي مرحلة من مراحل التقاضي أو انه لم يحضر أمام محكمة أول درجة و حضر أمام محكمة ثاني درجة فله الحق في التمسك بكافة الدفوع الإجرائية على أن يقدمها في عريضة طعنه و قبل التكلم في الموضوع . و من ذلك فان الطاعن يحق له إبداء الدفوع الشكلية أمام محكمة ثاني درجة و هو بذلك يوجهها الإجراءات التي جعلت الحكم معيبا بالبطلان أو أن السبب المؤدي للبطلان لا يستطيع المحكوم عليه إبداءه أمام محكمة أول درجة كون هذا البطلان الذي شاب الحكم قد نتج بسبب عيب ذاتي في الحكم يؤدي إلى بطلانه كالقصور في التسبيب و مثل هذا البطلان لا يمكن التمسك به أمام محكمة أول درجة و إنما يتم إبداءه أمام محكمة ثاني درجة على أن تتضمنه عريضة الطعن و يتم إبدائه قبل الخوض في الموضوع ألا سقط حق الخصم في إبدائه .


👈ب- الدفوع الموجهة إلى موضوع الدعوى : و كما سبق أن الدفوع الموضوعية توجه إلى موضوع الدعوى و هو اصل الحق المدعى به و لهذا فمن حق الطاعن التمسك بكافة الدفوع الموضوعية و لو لأول مرة أمام الاستئناف لان الدفع الموضوعي هو تطبيق فعال لحق الخصوم في الدفاع ألا أن الخصوم لا يجوز لهم تقديم أي دفوع موضوعية أمام محكمة النقض كونها محكمة قانون و ليست محكمة موضوع . و من ذلك فان الطاعن يوجه الدفوع الموضوعية إلى الحق المدعى به قاصدا إلغاء الحكم الصادر في مواجهته من محكمة أول درجة و ذلك من خلال تأكيد الواقعة المانعة أو المنهي و التي تعمل بدورها على عدم استحقاق الخصم للحق موضوع الدعوى و الصادر فيه الحكم الابتدائي . و لكن فقهاء القانون كما لاحظت عند إيرادهم أمثله تطبيقيه يوردون الحالات التي من حق المطعون ضده إبداء الدفع الموضوعي أمام محكمة ثاني رجة و لكني أرى انه كذلك من حق الطاعن التمسك بدفاعه الموضوعي أمام محكمة ثاني درجة للتأكيد في أحقيته هو في الحق المدعى به و الصادر فيه حكم ابتدائي لصالح خصمه و ذلك من خلال أيراد كافة الأسباب التي تأكد هذا الحق و أن كان لم يتقدم بها أمام محكمة أول درجة طالما أنها لم تغير الطلب الأصلي .


👈جـ- الدفع الموجهة إلى الحق في استعمال الدعوى :

و لكون الدفع بعدم القبول دفع يمتاز من كونه يوجه إلى حق استعمال الخصم للدعوى أما لعدم توافر شروط قبولها أو لانعدام الحق في الدعوى و لكون فكرة الدفع بعدم القبول تقوم على اعتباره من النظام العام فان للطاعن إبداء هذا الدفع في أي مرحلة تكون فيها الخصومة أمام محكمتي أول درجة و ثاني درجة بل إذا كان الدفع يتعلق بالنظام العام جاز إبدائه أمام محكمة العليا كالدفع بحجية الآمر المقضي به م ( 186/6 ) مرافعات و بذلك و كما هو مقرر فان الخصم يوجه هذا الدفع إلى حق خصمه في استعمال الدعوى التي صادر فيها حكم ضده لسبق الفصل فيها و بذلك فأنه يعمل على إلغاء الحكم اللاحق الصادر في مواجهته .


👈د- الدفع الموجهة إلى العمل القضائي : كما انه تبقى حالة أخرى للطاعن و هو تقدم الطاعن بدفع بانعدام الحكم و ذلك لصدوره في غير خصومة و غير ذلك من الحالات التي قررها المشرع اليمني في القانون رقم ( 40) لسنة 2002م و قد فضلت أن أورده بصورة مستقلة و ذلك كون هذا الدفع يتعلق بالنظام العام و يحق للخصم إبداءه في أي مرحلة من مراحل التقاضي و لو أمام قاضي التنفيذ كما انه يحق لمن صدر الحكم ضده رفع دعوى مبتداه يطلب من خلالها انعدام العمل القضائي لصوره في غير خصوه و إذا توافرت أي حالة من الحالات التي تستوجب انعدام العمل القضائي . 

و على ذلك فان الطاعن يحق له التمسك بالدفوع التي تقدم بها أمام محكمة أول درجة و كذا له الحق في تقديم دفوع لم يسبق أن تمسك بها أمام محكمة أول درجة إلا أن القانون أعطاه الحق في ذلك . و في كل الأحوال فان الطاعن يتمسك بهذه الدفوع طالبا إبطال الحكم الابتدائي و موجها إياه إلى العمل الإجرائي من إجراءات الخصومة أو بطلانه بسبب عيب شاب الحكم أي فقدان الحكم للعمل الإجرائي الذي يتطلب القانون توافره في الحكم كقصور التسبيب أو عدم فصله في اوجه الدفاع الموضوعية كما انه قد يوجه إلى العمل القضائي لتوافر حالة من حالات انعدام الأحكام .


▪️2- الاستثناء :- و الاستثناء الذي اقصده هنا هو أن من حق الطاعن توجيه الدفوع إلى الطعن و هذا في حالة ما إذا رفع في مواجهته طعن مقابل أو فرعي و هو ما نصت عليه م ( 286 ) و في هذه الحالة يصبح طاعن و مطعون ضده و لذلك فان الدفوع التي يستخدمها توجه إلى الطعن الفرعي أو المقابل المقدم من خصمه كان يدفع بعدم قبول الطعن لفوات الميعاد م(186/5) . و النص القانوني لم يوضح هذه المسألة و غامض من هذه الناحية و لم توضح المادة المقصود بالطعن هل هو الطعن الأصلي أم انه الفرعي أو المقابل . 

و من خلال هذه الدراسة الموجزة يتضح أن الطاعن يحق لهم التقدم و التمسك بكافة أنواع الدفوع متى توافرت حالات الدفع و توافرت شروطه كما أن كافة الخصوم أي كان منهم فانه يوجه دفعه أما إلى إجراءات الخصومة أو إلى الحق المدعى به أو إلى حق الخصم في استعمال الدعوى و بذلك فان القصور الذي شاب المادة ( 179 ) مرافعات جاءت قاصرة لعدة أسباب : 👇


👈الأول : كونه جاءت بلفظ حق التمسك بالدفع على المدعى عليه و الطاعن و أن كان المفهوم من لفظ المدعى عليه يشمل كذلك المطعون ضده و المدعي إذا ما انقلب مركزه القانوني إلى مدعى عليه . و مع ذلك فأن النص يظل معيبا بالقصور كون أن المراد من تقنين الأحكام و صياغة القانون هو ورود النصوص القانونية بشكل سليم واضح لا لبس فيها و لا غموض . أما إيراد نصوص تدخل الشك في مفاهيم العامة و تحدث انقلاب في المفاهيم القانونية لدى الخاصة فلا يمكن قبولها و قد احسن التشريع المصري بان ترك تعريف الدفع لفقهاء القانون يعرفونه بالطريقة التي تتفق مع المفاهيم القانونية .


👈الثاني : أن مفاد النص يوحي أن الطاعن له الحق في تقديم الدفوع – و هذا لا خلاف عليه – موجها إياها إلى الطعن أو إلى أي إجراء من إجراءاتها أو إلى أي شرط من شروط قبوله مع انه هو الذي تقدم بالطعن و أن قيل إنما قصد إيراد الطاعن كي يشمله النص في من يحق لهم التمسك بالدفوع و إبدائها و أن مفاد النص هو أن الخصم أي كان و متى توفرت فيه الشروط التي تخوله التمسك بالطعن أن يتقدم بالدفع موجه إياه إلى إجراءات الخصومة أو إلى موضوع الطلب القضائي أو إلى شرط قبوله . و هذا كذلك يرد عليه أن الأصل في النصوص القانونية أن تأتي واضحة و سليمة من حيث الصياغة القانونية .

و لكون تعريف الدفع إذا ما أريد أن يكون شاملا لكافة الخصوم و الحالات آمر في غاية الصعوبة يصعب إيراده في نص قانوني كما فعل المشرع اليمني ، كون مثل هذا التعريف حسب ما أراه في غاية الصعوبة و المستحسن هو جعل تعريف الدفع مفتوحا لفقهاء القانون يعرفونه بأي طريقة يرونها مناسبة كونه لا خلاف في الخصم الذي من حقه إبداء الدفع و إلى ماذا يوجهه و بعبارة أدق إلى لا خلاف في طرق و إجراءات و شروط التمسك بالدفوع .


و لما سبق فإني أرى وجود قصور في النص القانوني يجب تلافيه من قبل المشرع و على ذلك اقترح إعادة صياغة النص القانوني الوارد في المادة (179) بحيث انه يأتي بلفظ الخصم بدلا من المدعى عليه و الطاعن كون لفظ الخصم اعم و يشمل كافة أطراف الخصومة في كافة مراحلها و يشمل كذلك الحالات التي تتغير فيها المراكز القانونية للخصوم و كذا أن أيراد لفظ الخصم مع تحديد أنواع الدفوع لا يجعل من النص معيبا بالقصور بل يجعل من النص متكاملا من حيث المقصود من الدفع كتعريف بحيث يصبح النص على النحو الآتي ( الدفع دعوى يبديها الخصم اعتراضا على موضوع الدعوى أو الطعن أو شروط قبولهما أو أي إجراء من إجراءاتهما ) أما حالات تقديم الدفوع و شروطه و كافة ما ينظم الدفع فان القانون قد حدد اغلب الشروط و الحالات و ترك التفاصيل الدقيقة على فقهاء القانون و ذلك بسبب عدم القدرة على حصر أشكال الدفوع و أنا في هذا الرأي في تعديل النص مع أستاذي الدكتور خالد سعيد و الذي اقترح إعادة صياغة النص و أضيف لذلك انه الأفضل هو إلغاء النص و جعل تعريف الدفع لفقهاء القانون يخوضون فيه كيفما يشاءون بحسب المفاهيم القانونية للدفع و تقسيماته . 


و في نهاية هذه الدراسة الموجزة أتمنى أن أكون قد توصلت من خلالها إلى فهم قانوني سليم و أن أكون أولا و قبل كل شيء قد بنيتها على أسس قانونية سليمة و أن أكون قد أكملت موضوع الدراسة من كل جوانبه و في الأخير أرجو أن ينال الاستحسان و بالله التوفيق .


المراجع التي تم الاستعانة بها :- 👇


▪️1- قانون المرافعات و التنفيذ المدني اليمني رقم (28) لسنة 1992م


▪️2- قانون المرافعات و التنفيذ المدني اليمني رقم (40) لسنة 2002م


▪️3- قانون الإثبات اليمني رقم (28) لسنة 1998م


▪️4- مشروع تعديل القانون رقم (28)لسنة 1992م بشان المرافعات و التنفيذ المدني اليمني طباعة و اخراج مكتبة خالد بن الوليد للطباعة و النشر .


▪️5- الوسيط في القانون المدني د/ عبدالرزاق السنهوري طبعة دار إحياء التراث العربي


▪️6- الوسيط في القضاء المدني د/ فتحي والي 


▪️7- موسوعة المرافعات المدنية و التجارية المستشار أنور طلبة


▪️8- نظرية الدفوع المدنية و التجارية د/ احمد ابوالوفاء 


▪️9- نظرية الدفوع الجنائية المحامي حامد الشريف 


▪️10- نظرية البطلان د/ فتحي والي و د/ احمد ماهر زغلول 


▪️11-الوجيز في أصول القضاء المدني اليمني د/ خالد سعيد جباري


👈المحامي اليمني أمين حفظ الله الربيعي


إعادة نشر #اعرف_حقك_وقانونك⚖️🇾🇪

https://www.facebook.com/Knowyourlegalrightyemen


يمكنكم تحميل نسخة pdf على الرابط الآتي 👇

https://t.me/Knowyourlegalright/1835


#شارك_لنشر_الوعي

#معركة_الوعي 

#القانون_اليمني

الاثنين، 18 يوليو 2022

التصرف القانوني

 #اعرف_حقك_وقانونك⚖️🇾🇪

بحث حول #التصرف_القانوني👇🤩

🔷️المبحث الأول: مفهوم التصرف القانوني

يشكل القانون المدني شرياناً يمتد إلى كل فروع القانون، لذا كان من الطبيعي ونحن نتناول التصرف القانوني للدولة الصادر من جانب واحد أن نتعمق في دراسة جذوره الأساسية والتي استمدها من القانون المدني، إذ أن لفقهاء وكتاب القانون المدني فضلاً عن تدعيم هذا المفهوم على الصعيد الدولي.

ففي البلدان التي اعترف فيها الكتاب بالآثار القانونية لبعض أنواع التصرفات الصادرة من جانب واحد كانوا من الأوائل الذين اسندوا نفس الأثر إلى تصرفات الدولة على الصعيد الدولي، وعلى أية حال فان حتى وجهات نظر هؤلاء الفقهاء كانت قد اكتنفها أو تخللها مفاهيم القانون المدني أو أشبعت فترات طويلة لهذه المفاهيم.

وبناءً على ما تقدم كان لزاماً علينا ونحن في صدد تحديد مفهوم التصرف القانوني أن نبين التعريفات التي تناولت الموضوع ونميز بذلك التصرف القانوني عن الواقعة القانونية متجهين بالدراسة لتناول التصرف الدولي وليشمل هذا المبحث ما ذكرناه، فقد قسمناه إلى مطلبين:

💠المطلب الأول: التعريف بالتصرف القانوني بوجه عام.

💠المطلب الثاني: التعريف بالتصرف القانوني الدولي.


🔸️المطلب الأول: التعريف بالتصرف القانون بوجه عام

يُعد الفهم الصحيح لمعاني المصطلحات في كل تخصص أو فرع من فروع العلم والمعرفة من الأمور الضرورية التي لا يمكن الاستغناء عنها لتحقيق أعلى درجات الاستفادة من أي موضوع ولا سيما موضوع دراستنا، إذ يحتاج الأمر إلى التعمق في فهم التصرف القانوني بشكل عام ولكي تكون الفكرة دقيقة عن هذا التصرف لابد لنا من أن نتناول المقصود بالتصرف لغةً واصطلاحاً في الفرع الأول ومميزين بين التصرف القانوني والواقعة القانونية في الفرع ثاني.


🔘الفرع الأول: المقصود بالتصرف القانوني

أصل التصرف لغةً: مأخوذ من مادة صرف، والصرف في مكانه الاكتساب وهو التصرف والاجتهاد، ومن معانيه أيضاً الحيلة، وهي القدرة على التصرف في الأشغال من اجل ذلك قال اللغويون صرفته في الأمر تصريفاً فتصرف، بمعنى قلبته فتقلب والتقلب في الأمور هو التصرف كيف يشاء([1]).

من خلال هذه المعاني نستدل على أن التصرف في اللغة هو العمل الذي يقوم به الإنسان، سواء أكان هذا العمل من الأعمال المحسوسة المشاهدة كقوله وفعله أو من الأعمال التي لا تحسس ولا تشاهد كأعمال القلب.

أما معنى التصرف في اصطلاح الفقهاء، فهو ما يصدر عن الشخص من قول أو فعل يترتب عليه شرعاً نتيجة من النتائج([2]).

وقد عرفه أحد الفقهاء بأنه الالتزام الذي يصدر عن الشخص فيرتب المشرع عليه أحكامه سواءً أكان بسيطاً أي من جانب واحد أو كان مركباً من التزامين متبادلين يتوقف أولهما على ثانيهما([3]).

كما عرفه أحد الفقهاء المسلمين بأنه كل ما يصدر عن شخص بارادته ويرتب عليه المشرع نتائج حقوقية([4]).

ويعرف أيضاً بأنه اتجاه الإرادة إلى إحداث أثر قانوني سواءً كان هذا الأثر هو إنشاء حق أو نقله أو تعديله أو إنهاءه([5]).

كما عرفه الدكتور مصطفى أحمد فؤاد بأنه إرادة تتجه إلى إحداث آثار قانونية تم إخراجها من مجال النوايا إلى عالم المحسوسات نتيجة التعبير عنها من جانب شخص طبيعي أو اعتباري على النحو الذي يرسمه النظام القانوني الذي ينتمي إليه التصرف([6]).

أما الدكتور توفيق حسن فرج([7]) فيقول (إن الأثر الذي يترتب على التصرف القانوني إنما يترتب لأن الإرادة قد اتجهت إلى إحداثه وهذا ما يميز التصرف القانوني عن الفعل المادي) ونود هنا أن نوضح ما قصده هو أن الأثر الذي يترتب في حالة التصرف يترتب لأن الإرادة اتجهت إلى ترتيب هذا الأثر، أما في حالة الفعل المادي فان الأثر يترتب من مجرد وجود الفعل.

هذا وقد ورد تعريف التصرف أيضاً في قاموس المصطلحات القانونية بأنه "التعبير عن الإرادة موجهاً لغرض إحداث آثار قانونية"([8]).

وعرف أيضاً بأنه "عملية قانونية مؤداها التعبير عن إرادة عامة أو خاصة، فردية أو جماعية" والتي يكون محلها أو هدفها إحداث نتائج قانونية (إنشاء قاعدة، تعديل مركز قانوني، خلق حق … الخ)([9]).

من خلال التعاريف السابقة لابد من توضيح مسألة هي أن أغلب الكتاب قد أطلقوا تسمية (التصرف)، وقلة قليلة استخدمت (العمل).

ونحن بدورنا نرى أن التسمية الصحيحة والتي سنستخدمها في دراستنا هذه هي التصرف وليس العمل وذلك لأن مصطلح العمل وكما ورد في قاموس المصطلحات القانوني (أية واقعة لم تكن بالضرورة قد قصدت من قبل فاعلها مثلاً الجناية تلزم صاحبها بتعويض الضرر المترتب، كذلك حيازة عقار خلال 30 سنة هي واقعة لكسب الملكية، القوة القاهرة تعفي المدين … الخ([10]).

فالعمل قد يكون إرادياً أو غير إرادي وقد يكون أيضاً ظاهرة طبيعية أو واقعة مادية والمهم هو أن القانون يرتب عليها آثاراً معينة.

بينما التصرف القانوني هو إرادي محض تتجه فيه الإرادة إلى إحداث نتائج قانونية معينة تمييزاً لها من الأعمال المادية وترجع إرادة الشخص المنفردة كالوقف والوصية والوعد بجائزة، وقد يرجع إلى إرادتين كما في العقد.


🔘الفرع الثاني

التصرف القانوني والواقعة القانونية

يعد التصرف القانوني أحد المصادر المباشرة للحق الذي يعتمد في وجوده على القانون فهو الذي يتولى حمايته وتنظيمه ومن ثم يعد القانون المصدر غير المباشر لجميع الحقوق، أما المصدر المباشر أو القريب الذي يستند إليه الحق وهو الذي يجعل شخصاً ينفرد به دون غيره فهي الواقعة القانونية بمعناها الواسع ويضيف فقيهنا السنهوري أن الوقائع بشكل عام هي مصادر الروابط القانونية والواقعة إما أن تكون طبيعية أو اختيارية والوقائع الاختيارية إما أن تكون أعمالاً مادية أو أعمالاً قانونية وهذه الأخيرة قد تكون صادرة عن جانب واحد أو صادرة عن جانبين، والقانون من ورائها محيط فهو الذي يحدد الآثار القانونية التي تترتب على الوقائع والأعمال([11]).

ويعرف الدكتور فتحي والي الواقعة القانونية بأنها كل تغيير في مركز موجود

يرتب القانون عليه أثراً قانونياً بأن يعطي للمركز الجديد وصفاً قانونياً جديداً،

ومن الضروري الإشارة إلى أن القانون لا ينظر إلى التصرفات القانونية نظرة واحدة

مما حدا بالفقه إلى تقسيمات علمية أهمها وأكثرها شيوعاً تقسيمها إلى

تصرفات قانونية وأعمال مادية وايجاد معيار دقيق كان ولا يزال مجالاً

للخلاف([12]).

ومن الضروري التنويه إلى وجود نوع من الأعمال أو المظاهر الإرادية التي لا تشكل تصرفات قانونية، أي أنها أعمال لا يعتد بها القانون ولا يُرتب عليها أثاراً قانونية في نظام قانوني ما، إذ كتب العميد ليون ديكي قائلاً "ليس من جدل في أن حياة البشر تحتوي على كمية معتبرة من المظاهر الإرادية التي لا تشكل تصرفات قانونية، بل وتكون أيضاً حسب التعبير الإنساني مما لا يعبأ القانون بها، يقول لا أدري أي مؤلف ألماني كتب يقول عندما

أقول لخادمي جون ناولني حذائي فثمة بالتأكيد عمل إلا أنه ليس تصرفاً قانونياً فهناك عمل لا يأبه به القانون"([13]).

نصل إلى أن التصرف القانوني هو إرادة تتجه إلى إحداث أثر قانوني، بينما الواقعة إما أن تخلو من إرادة أو أن الإرادة لا تتجه فيها إلى إحداث أثر قانوني وتعتبر الواقعة مصدراً مهماً للالتزام في سائر القوانين كالعمل غير المشروع والكسب دون سبب([14]).

والخلاصة أن التمييز بين الواقعة القانونية والتصرف القانوني ينحصر في أن التصرف القانوني ينفرد ببعض القواعد دون الوقائع القانونية: وتتمثل في دور الإرادة أولاً والإثبات ثانياً.

بالنسبة إلى دور الإرادة فهي العنصر الحاسم في وجود التصرف القانوني، إذ عرف بأنه إظهار للإرادة يقع بقصد أن يترتب على أثره تعديل في التركيب التنظيمي القانوني مع نية أن ينتج عنه أثر قانوني وهذا الأثر سينتفي عندما يكون هدف الشخص من تصرفه انتهاك القانون وليس تنفيذه مثاله الشخص الذي يرتكب جريمة بقصد أن يحكم عليه بالإدانة، هذا ليس تصرفاً قانونياً بل يدخل فيما يسميه Ihering بالمداعبة في القانون وهذه لا تستحق عناء الوقوف عندها([15]).

إذن، للإرادة دور في التصرف القانوني ودورها واضح على خلاف الواقعة سواء كانت بفعل الطبيعة أو التي بفعل الإنسان([16]).

أما الفارق الثاني فيكمن في إثبات الحق إذ أن الوقائع المادية يجوز إثباتها بجميع طرق الإثبات، إذ لا تستلزم نوعاً معيناً من الأدلة وإلا استحال إثباتها في أغلب الأحوال، أما التصرفات القانونية فالأصل إثباتها بالكتابة، أي بمعنى آخر تستلزم نوعاً معيناً من الأدلة ما عدا الإثبات بالشهادة.

ومما تقدم يتضح أن التصرف القانوني يتطلب في جوهره وجود إرادة معبر عنها من قبل شخص قانوني ما في نظام قانوني بقصد ترتيب آثار قانونية، فالتصرفات القانونية هي في الأصل أعمال مادية وهي تظل حبيسة المادة إلى أن يعتني بها نظام قانوني ما فيخرجها إلى نظامه ويرتب على حصولها آثاراً قانونية، وبعد استقرائنا للنظريات والآراء الفقهية التي تناولها فقهاء القانون الخاص في التمييز بين التصرف القانوني والواقعة لا نريد تناولها في دراستنا هذه توقياً للإطالة، فإننا نرى أن معيار التفرقة بين التصرف والواقعة يكمن في سلطان الإرادة، إذ في التصرف القانوني للإرادة سلطان أعطاه المشرع لها لتتمكن من تنظيم مصالح معينة وفقاً لرغبتها وذلك في حدود التنظيم القانوني، أما في الواقعة القانونية بمعناها الضيق فليس للإرادة أي سلطان بل يرتب القانون آثاره على مجرد وقوع الحدث.

ولابد من التنويه إلى أن الفقيه السنهوري يشير إلى أن فكرة التصرف القانوني ليست قاصرة على القانون الخاص بل تتعداها إلى فروع القانون عامةً، وأن البحث عن معيار للتفرقة يرجع إلى فقه القانون الخاص والعام على حد سواء ويعتقد -ونرى ان اعتقاده وجيه- أن فكرة التصرف القانوني هي ملك النظرية العامة للقانون، وهي بهذا يجب أن تفهم بنفس المعنى سواء في القانون العام أو الخاص([17]).


🔷️المطلب الثاني

التصرف القانوني للدولة

كنا قد انتهينا في المطلب الأول من هذا الفصل إلى بحث فكرة التصرف

القانوني بشكل عام والذي شكلت الإرادة أساساً لهذا التصرف هذه الإرادة قد تستهدف

إحداث آثار معينة تترتب عليها، ومن الطبيعي أن تستند هذه الإرادة إلى شخص طبيعي أو معنوي ومن المسلم به أن الإرادة لا تصدر إلا ممن يتصف بالشخصية القانونية حتى يتم الاعتداد بها.

وعليه قد تكون الدولة هي من أوجد التصرف القانوني إما بالارتباط مع غيرها من الدول أو بصورة منفردة ومن اجل تكوين فكرة عامة عن التصرف القانوني الدولي

لابد لنا من أن نتناول الموضوع من خلال فرعين نُسلط الضوء في الأول منه على تعريف التصرف القانوني للدولة، أما أنواع التصرفات القانونية الدولية فسيكون موضوعنا

للفرع الثاني.

🔘الفرع الأول :المقصود بالتصرف القانوني للدولة

ان كان التصرف القانوني –كما سبق لنا بيانه- إرادة خرجت إلى عالم المحسوسات بالطريقة التي يرسمها النظام القانوني المعني مستهدفة إحداث آثار قانونية معينة فتعريفنا للتصرف القانوني الدولي لا يتصور أن يخرج عن ذات المفهوم ولكن منظوراً إليه من وجهة نظر النظام القانوني الدولي.

وعلى هذا الأساس فان التصرف الدولي ما هو إلا إرادة عبر عنها شخص من أشخاص القانون الدولي العام([18]) بقصد ترتيب آثار قانونية معينة في إطار النظام القانوني الدولي([19]).

ويعرف الأستاذ (لويس دلبيز) التصرف القانوني تعريفاً ضمن هذا المعنى حيث يقول "أعني بالتصرفات القانونية الدولية التصرفات من أي طبيعة كانت اتفاقية أو الصادرة من جانب واحد والتي تشخص قاعدة من قواعد القانون الموجودة وذلك لتطبيقها على وضع معين، فالتصرفات القانونية تحتل مرتبة أدنى من المرتبة التي تمثلها مصادر القانون فهي لا تخلق قانوناً جديداً وإنما تكتفي بترسيخه بواسطة تعبير إرادي مطابق للقانون"([20]).

ولابد من بيان أن أساتذة القانون الدولي العام الذين اهتموا بدراسة موضوع التصرف القانوني الدولي قد انقسموا إلى عدة اتجاهات -في تحديد كون التصرف خاضعاً للقانون الدولي- وذلك طبقاً للزاوية التي ينظر كل منهم إلى هذا التصرف.

وبالطبع فان أنصار كل اتجاه يرون أن اتجاههم هو الاتجاه الأمثل وسنتناول فيما يأتي كلاً من هذه الاتجاهات الفقهية حتى نخلص إلى الاتجاه الذي نراه الأمثل.

الاتجاه الأول:

من أنصار هذا الاتجاه الفقيه تربيل، يرى (Triepel) أن أشخاص النظام القانوني الدولي الأساسيون هم الدول، أما الأشخاص الأساسيون للنظام القانوني الداخلي فهم الأفراد ويؤكد قوله أن على النظامين الدولي والداخلي يحكم علاقات مغايرة لتلك التي يحكمها النظام الآخر([21]).

بمعنى آخر أن التصرفات القانونية الدولية هي التي لا نتصور صدورها إلا من قبل الدول في علاقاتها بالدول الأخرى، أما إذا كانت تلك التصرفات صادرة من قبل الأفراد فيما بينهم أو بين دولة وبين أفراد معينين فانها تعتبر تصرفات داخلية. هذا ويتعين علينا أن نلاحظ أن التعريف التقليدي الذي يسود فقه القانون الدولي العام والذي يبرز دائماً العنصر الشكلي وذلك حيث تُنسب الإرادة إلى شخص القانون الدولي العام.

وفضلاً عن ذلك يعرف الأستاذ Morelli التصرف القانوني بأنه (تعبير عن إرادة تنسب إلى شخص القانون الدولي العام)([22]).

ومن الجدير بالذكر أن هذا المعيار منتقد، إذ قيل من جهة ليس بالإمكان الاعتماد على اختلاف المخاطبين بأحكام القانونين (الدولي والداخلي) لبيان طبيعة التصرف وذلك لأن القانون الدولي العام وإن توجه بخطابه المباشر إلى الدول إلا أنه لا يخاطب في نهاية الأمر إلا الأفراد([23]).

كما أنه لايمكن الاعتماد على المخاطب معياراً للتفرقة بين التصرفات القانونية وذلك لأن القانون الداخلي قد يخاطب الفرد والدولة بنفس القاعدة الدولية.

ويضيف الدكتور الغنيمي أنه من غير المتصور أن تندرج كل تصرفات الدولة في بوتقة القانون الدولي مشيراً بذلك إلى أن مسؤولية الدولة عن تصرفاتها يمكن أن تحكمها قواعد القانون الدولي العام وقواعد القانون الدولي الخاص كما يمكن أن يحكمها القانون المحلي([24]).

الاتجاه الثاني:

فقد أورد فكرته الفقيه الفرنسي جورج سل معتمداً في تعريف التصرف القانوني الدولي على طبيعة المراكز القانونية التي ينظمها، ويرى هذا الفقيه أن التصرف يعد دولياً إذ كان يعدل في مركز قانوني دولي، كما يكون داخلياً إذ كان من شأنه التعديل في مركز

قانوني داخلي([25]).

ولابد من القول بخصوص هذا الاتجاه أنه يجافي المنطق وذلك لأن الاعتماد على فكرة المراكز القانونية والتعويل عليها بوصفها فيصلاً للتفرقة بين كل من القانونين الدولي والداخلي أمر صعب جداً وذلك بسبب تداخل المراكز القانونية، إذ لا توجد حدود فاصلة بين القانونين الدولي والداخلي، إذ كما يذهب أستاذنا الدكتور عصام العطية قد يحيل أحد القانونين على الآخر في مواضيع كثيرة([26]).

الاتجاه الثالث:

ذهب الدكتور مصطفى أحمد فؤاد إلى أن المدافعين عن هذا الاتجاه قد اعتمدوا على القواعد المنظمة للتصرف، فيكون التصرف دولياً إذا وضع وفقاً للشروط والأوضاع الخاصة بالقانون الدولي، بينما يكون داخلياً إذا كانت شروطه وأوضاعه منظمة وفقاً لقواعد القانون الداخلي([27]).

وفي هذا الاتجاه عرف الفقيه (Eric Say) التصرف القانوني بأنه "تعبير عن إرادة شخص أو أكثر من أشخاص القانون الدولي بقصد ترتيب آثار قانونية وفقاً للشروط والأوضاع المقررة في القانون الدولي"([28]).

وفي نفس المعنى يقول الفقيه جاكي "ليس كافياً أن يكون لدى شخص من أشخاص القانون الدولي الإرادة لعمل تصرف قانوني دولي فالإرادة في حد ذاتها لا تملك أي أثر أو قيمة، والتصرف القانوني لا يمكن أن يُنشأ حقوقاً أو التزامات إلا لأن ضوابط القانون الدولي تقضي به"([29]).

وخلاصة القول أن هذا الاتجاه ينتهي إلى تعريف التصرف القانوني الدولي بأنه "وسيلة ينظمها القانون الدولي العام ويهدف إلى خلق قاعدة دولية أي حقوق والتزامات دولية".

بمعنى آخر كما ذهب الدكتور نزار العنبكي إلى أن الاختلاف بين التصرف الدولي والداخلي سيبرز فقط من خلال القانون واجب التطبيق وليس من خلال الوظيفة التي يؤديها التصرف([30]).

إلا أن هذا المعيار لم يسلم من النقد، إذ أن التصرف في بعض الأحيان قد يقوم بخلق القاعدة ومثاله قرارات المنظمات الدولية وهذا يعني أن التصرف سبق وجود القاعدة في حين يفترض المعيار الوظيفي (القاعدي) سبق وجود القاعدةفي حين يفترض المعيار الوظيفي (القاعدي) سبق وجود القاعدة للتصرف لكي يترتب الأثر القانوني وليس العكس، وكذلك أن هذا المعيار يفترض أن القواعد الدولية تحكم التصرفات القانونية الدولية فقط والحقيقة هي أنها قد تحكم تصرفات الدول ذاتها في مجال القانون الداخلي كحالة المعاهدات المنظمة لحقوق الإنسان([31]).

أما الاتجاه الأخير: فقد صاغه الدكتور مصطفى أحمد فؤاد ويقوم على فكرة المصالح الدولية ويبدأ بتعريف المصلحة بأنها "تلك المزايا المالية أو الأدبية التي يحصل عليها الشخص لدى استعماله لحق أو عند أدائه لعمل".

وخلاصة وجهة نظر الدكتور مصطفى أحمد فؤاد أن التصرف إذا مس مصلحة دولية فهو تصرف دولي وخضع لأحكام القانون الدولي وينتهي بتعريف التصرف القانوني بأنه "اتجاه إرادة شخص أو أكثر من أشخاص القانون الدولي إلى إحداث آثار قانونية في نطاق النظام القانوني الدولي على نحو من شأنه المساس بمصلحة دولية أو أكثر"([32]).

وبناءً على ما تقدم ومن خلال استعراضنا للاتجاهات التي تناولت التصرف القانوني الدولي نرى أن الذي يحدد كون التصرف القانوني ذا طابع دولي هو الهدف من التصرف أياً كان شكل التصرف والوسيلة المستخدمة المهم هو اتجاه إرادة شخص دولي إلى إحداثآثار قانونية أياً كانت الوسيلة التي يتوسل بها للوصول إلى تحقيق الأهداف التي تمس المجتمع الدولي.


🔘الفرع الثاني: أنواع التصرفات القانونية للدولة

لما كانت التصرفات الدولية تعبير حي عن حرية الدولة وسيادتها في ممارسة علاقاتها الدولية، فهي بالتأكيد لا تتقيد بأسلوب فني بعينه عند التعبير عن إرادتها، إذ نراها تلبس إرادتها ثوب المعاهدات الدولية عندما تقتضي مصالحها، وقد تنفرد باتخاذ تصرف نابع عن إرادتها المنفردة تارة أخرى وتهدف من ورائه إلزام نفسها أو تقييد إرادتها وفقاً لأهداف دولية ترجوها من تصرفها هذا.

وبناءً على ما تقدم سنلقي الضوء على التصرف الاتفاقي والتصرف الانفرادي بشيء من الايجاز في هذا الفرع من الدراسة.

أولاً. المعاهدات([33]):

من المسلم به أن لكل أشخاص القانون الدولي العام وللدولة بالذات الحق في إنشاء ما يشاؤون من اتفاقات وأن الاتفاقات لها من القوة الملزمة ما يجعلها مصدراً للحقوق والالتزامات فيما يتعلق بالعلاقات القائمة بين أطرافها، والى عهد ليس بالبعيد كانت المعاهدة هي الصورة المألوفة للاتفاق الدولي إلا أنه هناك صوراً أخرى متعددة أخذت مكانها في الحياة الدولية حتى لم تعد المعاهدة هي الصورة الوحيدة للاتفاقات الدولية وإن كانت الأهم ولم تزل.

وكتصرف اتفاقي لابد أن ترتبط إرادة الدولة التي تروم التعاقد مع إرادة غيرها ولا يشترط التزامن بل التلاحق بين الإرادتين حتى ينتج آثاراً من حقوق والتزامات، وهناك رأي يذهب إلى القول بأن (المعاهدات ليست سوى سلسلة من الأعمال الأحادية الجانب يتعلق بالمفاوضات، التوقيع، التصديق، صياغة التحفظات … الخ)([34]).

ونرد على هذا الرأي بالقول لا يمكن إنكار الطبيعة التعاقدية للمعاهدة التي تعمل على ربط الالتزامات المتبادلة، فإذا ما سلمنا بأن كل معاهدة لا تتضمن سوى أعمال أحادية الجانب فان ذلك أمر خاطئ ونصوره بالتحديد مثل الخطأ الذي يعمل على تجزئة السينما إلى سلسلة من الصور الثابتة، فالمعاهدة على حد قول تربيل ما هي إلا (عقدة تعاقدية) لا يمكن إنكارها تعمل على ربط الالتزامات المتبادلة الآن وفي المستقبل.

وقد عرف المعاهدة الفقيه ماكنير بأنها "اتفاق مكتوب بين دولتين أو أكثر تستهدف خلق علاقة للتعاون بينهم ضمن نطاق القانون الدولي"([35]).

كما عرفها هانس كلسن "اتفاق عادةً ما يتم بين دولتين أو أكثر في ضوء القانون الدولي العام"([36]).

كما ورد تعريف المعاهدة في اتفاقية فينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 بأنها "اتفاق دولي يعقد بين دولتين أو أكثر كتابةً وتخضع للقانون الدولي سواءً تم في وثيقة واحدة أو أكثر اياً كانت التسمية التي تطبق عليه"([37]).

هذا وتعتبر المعاهدات من أنجع الوسائل التي تستطيع بها الدولة مباشرة اختصاصها ومزاولة نشاطها، فمن أجل إقامة علاقات دولية قائمة على الثقة والتعاون المتبادلين أوجب على الدول أن تسلك وبوجه عام السلوك الذي لا يضر بالدول الأخرى ضرراً كان من الممكن تفاديه أو تجنبه، هذا الواجب يجد في قوانين عالم اليوم كما وجد في قوانين وشرائع الأمس أرحب مكان، بل ستزداد قيمة هذا الواجب وأهميته كلما تقدمت البشرية وتطورت لأن هذا التطور والتقدم سيخلق أنواعاً جديدة من العلاقات لم تكن موجودة من قبل ومصالح ذات طبيعة معقدة تحمل في طياتها أوسع الفرص والاحتمالات في تسبيب الأضرار بين الدول.

لذا أصبح لزاماً على الدول احترام السيادة الوطنية للدول الأخرى والعلاقة القائمة على المساواة في الحقوق والواجبات ومن ثم كان للاتفاق والرضا المركز الأول في ميدان العلاقات الدولية وأصبحت المعاهدة الوسيلة الطبيعية لتنظيم العلاقات الدولية.

ولأهمية المعاهدات نرى أن أغلب فقهاء وكتاب القانون الدولي قد خصصوا للمعاهدة حيزاً من دراساتهم ومنهم من أفرد لها فصولاً مسهبة ، إذ تناولوا المعاهدات من حيث أهميتها وأنواعها ومراحلها وشروط صحتها والآثار المترتب عليها … الخ.

وبدورنا نحيل إلى هذه الدراسات ونكتفي بهذا القدر توضيحاً مبسطاً للمعاهدات لأننا سنركز اهتمامنا على التصرفات أحادية الجانب التي تقوم بها الدولة.


ثانياً. التصرفات أحادية الجانب:

إذا كانت التصرفات الدولية الناتجة عن ارتباط إرادتين قد حظيت بما تستحق من كتابات ونقاشات حتى لا نتصور أن يخلو مؤلف في القانون الدولي العام إلا وأشار إلى المعاهدات، بينما لم نلحظ هذا الأمر بالنسبة إلى التصرفات الصادرة من جانب واحد، إذ لم تنال الأهمية التي تستحقها وفضلاً عن ذلك نجد أن من تناولها بالدراسة لم يعطيها تلك الأهمية المتميزة التي تتناسب ودورها في العلاقات الدولية كما لم يتم الاعتراف بها بوصفها المصدر المستقل من مصادر القانون الدولي العام.

وقد تناول الفقيه بيير فيلاس تعريفها بأنها "العمليات التي تنشأ بمقتضاها إرادة منفردة تتمتع بالشخصية القانونية مراكز قانونية جديدة في مواجهة أشخاص آخرين في الجماعة الدولية([38]).

وقد قال عنها الأستاذ Dinh بأنها "العمل المنسوب إلى موضوع واحد في القانون الدولي فالنمو المتزايد والواسع لهذا النوع من الأعمال يرتبط بكل وضوح بتعددية مواضيع القانون الدولي"([39]).

وتعد التصرفات أحادية الجانب متكررة في الحياة الدولية وتعتبر ذات شكل ومحتوى مختلف إلى درجة كبيرة وذلك لتعدد وتنوع العلاقات الدولية وتعتبر ذات مدى واسع في العلاقات الدولية ذات الطابع القانوني فضلاً عن أثرها السياسي.7


________________________________________

[1]() المحيط، معجم لغوي علمي للفيروزآبادي، ج4، ص161-162، المنجد في اللغة والأدب والعلوم، ص165، مختار الصحاح، لمحمد بن أبي بكر الرازي، دار الكتاب العربي، ص361.

[2]() د. محمود محمد الطنطاوي، حقيقة التصرف وأقسامه، بحث منشور في مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، العدد الأول، السنة 15، 1973، مطبعة جامعة عين شمس، ص1. نقلاً عن الشيخ محمد زكريا البرديس في بحثه التصرف الإسقاطي المنشور في مجلة إدارة قضايا الحكومة، العدد 2، السنة 12.

[3]() د. محمود محمد الطنطاوي، مصدر سابق، ص2.

[4]() مصطفى أحمد الزرقاء، المدخل الفقي العام، الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد، بدون سنة طبع، ص288.

[5]() د. محمد شكري سرور، النظرية العامة للحق، ط1، دار الفكر العربي، 1979، ص119.

[6]() د. مصطفى أحمد فؤاد، النظرية العامة للتصرفات الدولية الصادرة عن الإرادة المنفردة، منشأة المعارف بالإسكندرية، 1984، ص17.

[7]() د. توفيق حسن فرج، المدخل للعلوم القانونية، الكتاب الأول، الإسكندرية، 1961، ص314.

[8]() Raymond GuilliEn et Jean Vincent, LexiQue De termes JuridiQues, DALLOZ, 1972, P.7.

[9]() Gerard Cornu Vocbulaire Juridioue, presses Universitai Res De France, Paris, 2000, P.16.

[10]() Gerard Cornu, Op.Cit., P.374.

[11]() د. عبد الرزاق السنهوري، نظرية العقد، دار الفكر للطباعة والنشر، القاهرة، 1934، ص74.

[12]() د. فتحي والي، دروس في النظرية العامة للعمل الإجرائي لطلبة دبلوم القانون الخاص من جامعة القاهرة، 1973-1974، ص33-35.

[13]() العميد ليون ديكي، دروس في القانون العام، ترجمة د. رشدي خالد التكريتي، مركز البحوث القانونية، وزارة العدل، بغداد، 1981، ص36.

[14]() د. حسن علي الذنون، النظرية العامة للالتزام، ج1، بغداد، 1976، ص26.

[15]() العميد ليون ديكي، مصدر سابق، ص35-36.

[16]() إذا كانت الواقعة بفعل الإنسان فان القانون يرتب عليها أثراً بغض النظر عن نية الفاعل أو الدور الذي تدخلت فيه، أنظر: د. توفيق حسن فرج، مصدر سابق، ص862.

[17]() د. عبد الرزاق السنهوري، الواقعة القانونية والتصرف القانوني، محاضرات ألقيت على طلبة الدكتوراه في جامعة القاهرة، 1953-1954، ص4.

[18]() وهذا وتخضع التصرفات أحادية الجانب التي تقوم بها المنظمات الدولية لقواعد متماثلة مع تلك القواعد التي تنطبق على التصرفات التي تقوم بها الدول عندما يكون لها علاقات مع دول أخرى أو أشخاص آخرين في القانون الدولي، ولتصرفات المنظمات مع الدول علاقات منظمة ولها آثار معترف بها في المعاهدة التأسيسية، ولا تثير مسألة الآثار أية صعوبات مادامت ترتكز في نهاية المطاف على رغبة الدول المؤسسة لهذه المنظمة.

لمزيد من التفصيل عن تصرفات المنظمات الدولية الأحادية الجانب، أنظر:

- Joe Verhoeven, Droit international public Larcier, Broxells, 2000, PP.444-488.

[19]() أنظر: د. مصطفى أحمد فؤاد، مصدر سابق، ص18.

[20]() Louis DELBEZ Les principles peneraux du droit international public, Paris, 1969, L.G.d.J., P.53.

[21]() Triepel Les rapports enter Le droit interne et Le droit international, R: C: A: D: j (i) 1923/ 1. Tome,. PP.77-121.

نقلاً عن: د. مصطفى أحمد فؤاد، مصدر سابق، ص18.

[22]() V.D.DEGAN, Sources of International Law, Volume 27, Netherlands, 1997, P.157.

[23]() أنظر: د. محمد سامي عبد الحميد، أصول القانون الدولي العام، القاعدة الدولية، ج1، ط2، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، 1974، ص113.

[24]() د. محمد طلعت الغنيمي، الأحكام العامة في قانون الأمم، قانون السلام، ج1، منشأة المعارف، الإسكندرية، بدون تاريخ، ص210.

[25]() د. نزار العنبكي، في الالتزام الناشئ عن الوعد الصادر من جانب واحد وتطبيقاته في القانون الدولي العام، بحث منشور في مجلة العلوم القانونية والسياسية، مج 6، العددان الأول والثاني، مطبعة العاني، بغداد، 1987، ص174.

[26]() د. عصام العطية، القانون الدولي العام، ط6، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر، بغداد، 2001، ص74.

[27]() د. مصطفى أحمد فؤاد، مصدر سابق، ص23.

[28]() Eric Say, Les Acts jaridiques unilatereaux en droit international public, Paris, 1962, P.22.

[29]() Jean- Paul Jaque, Elements pour ane theorie de L’acte juridique en droit international public Bibliotheque de droit international, Paris, L.G.D.J, 1972, PP.73-74.

[30]() د. نزار العنبكي، مصدر سابق، ص177.

[31]() د. مصطفى أحمد فؤاد، مصدر سابق، ص ص 24-25.

[32]() في عرض هذا الاتجاه، أنظر: د. مصطفى أحمد فؤاد، مصدر سابق، ص26-31.

[33]() بشأن المعاهدات، أنظر:

- McNair, The Law of Treaties, Oxford, 1967, Hans Kelsen, Principles of International Law, Second edition, Hopkins University, 1967.

وأنظر أيضاً:

- د. محمد حافظ غانم، المعاهدات "دراسة لأحكام القانون الدولي وتطبيقاتها في العالم العربي"، محاضرات ألقاها على طلبة قسم الدراسات القانونية، مطبعة نهضة مصر، القاهرة، 1961.

[34]() Emmanuel Decaux, Droit international public, 2 edition, Dalloz, Paris, 1999, P.41


إعادة نشر #اعرف_حقك_وقانونك⚖️🇾🇪

https://www.facebook.com/Knowyourlegalrightyemen


تليجيرام 👈 https://t.me/Knowyourlegalright


#شارك_لنشر_الوعي_بالقانون

#اليمن🇾🇪

#معركة_الوعي 

#القانون_اليمني

الأحد، 19 يونيو 2022

بحث حول جريمة القذف والسب وفقا للقانون اليمني

 #اعرف_حقك_وقانونك⚖️🇾🇪

بحث حول جريمة القذف والسب وفقا للقانون اليمني👇🤩

🔷️الرأي القانوني حول جريمة القذف والسب

🔶️حد القذف

أن المصلحة العامة تقتضي معاقبة القاذف بالزنا ولا داعي إطلاقاً لاعتبار شخصية في هذه الجريمة فإنه لا يستحق المراعاة فأن القاذف غيره بالزنا لا سبيل للناس إلى العلم بكذبه جُعل حده تكذيباً له وتبرئه لعرض المقذوف منعاً لهذه الفاحشة التي يحد بالجلد من قذف بها ، وأن الله تعالى قد كره إظهار الزنا والتكلم به وتوعد من يحب اشاعته في المؤمنين بالعذاب الأليم في الدنيا والأخرة  قال تعالي:"إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين أمنوا لهم عذاب أليهم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون".

والقذف في اللغة: الالقاء ومنه قوله تعالى: "بل نقذف بالحق على الباطل"

وفي الاصطلاح: إلقاء الفحاشة من شخص مخصوص على شخص مخصوص مع شروط".

وتثبت على شخص أنه قاذف لغيره فإنه يحد بشهادة عدلين

ومن شروط الذي يثبت القذف

- أن يقذفه بزنا في حال يوجب الرمي الحد على القاذف لأجل قذفه لأن حد القذف إنما يجب على القاذف إذا قذفه بالزني سواء كان مفعولاً به أم فاعلاً بإنسان أو بهيمة فلو قذفه بغير الزني من سائر المعاصي ولو كان كفراً أو قال له يا قواد لم يحد القاذف.

- أن يكون القاذف مصرحاً أو كانياً فيلزم الحد مطلقاً سواء أقر بقصده أم لا لأن حكم الكناية في القذف حكم الصريح.

فنحو ان يقول يا زانية

أما الكناية فنحو أن يقول لست بابن فلان لمشهور النسب أو يا فاعلاً بأمه او يا ولد الحرام ولا فرق عندنا في الكناية وقعت في حال الرضي أم في حالة الغضب لأنه يحد بها كما يحد بالصريح.

"التاج المذهب مج  صـ223،232 القاضي العلامة أحمد بن قاسم العنسي"

🔶️الطعن في الاعراض:

إذا تضمن العيب أو الإهانة أو القذف أو السب الذي ارتكب بأحدى الطرق المبينة في القانون طعناً في عرض الأفراد أو خدشاً لسمعه العائلات أو مساساً بحرمه الحياة الخاصة تكن العقوبة الحبس والغرامة معاً في الحدود المبينة في القانون.

فيشدد القانون العقاب على أمرين أو لهما الطعن في عرض الأفراد وثانيهما خدش سمعه العائلات فكلمة الأفراد أريد بها حماية عرض المرأة والرجل على السواء.

والطعن في العرض هو رمي المجني عليه بما يفيد أنه يفرط في عرضه أما خدش سمعه العائلات فقصد به حماية العائلات مما يخدش سمعتها سواء كان متصلاً بالعرض أم بغيره من نواحي الشرف والكرامة.

🔸️الأصل في القذف الذي يستوجب العقاب قانوناً هو الذي يتضمن اسناد فعل يعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية أو يوجب احتقار المسند إليه عند أهل وطنه ومن حق قاضي الموضوع أن يستخلص وقائع القذف من عناصر الدعوى.

أحكام النقض31/5/1970م.

🔸️ الأصل أن المرجع في تعريف حقيقة ألفاظ السب أو القذف و الإهانة هو بما يطمئن إليه القاضي من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى.

🔸️ يكفي لوجود جريمة القذف أن تكون عبارته موجهه على صورة يسهل معهما فهم المقصود منها ومعرفة الشخص الذي يعينه القاذف.

🔸️جهر المتهم بفعل القذف في حانوت الكواء  وهو من أرباب الحرف الذين يفتحون أبواب محالهم للجمهور ويترددون عليه فضلاً عن اتصال هذا المحل بالطريق العمومي في حضور شاهدي الإثبات الغريبين مما يسبغ عليه صفة المكان المطروق وهو مما تتحقق به العلانية كما هي معرفة به في القانون.

أحكام النقض18/4/1977م

🔶️القصد الجنائي:

القصد الجنائي في جريمتي القذف والسب يتوافر متى كانت العبارات التي وجهها المتهم إلى المجني عليه شائبة بذاتها بغض النظر عن الباعث على توجيهها فمتى كانت الألفاظ دالة بذاتها على معاني في السب والقذف وجبت محاسبة قائلها بصرف النظر عن البواعث التي دفعته لذلك.

أحكام النقض 24/5/1976،11/5/1970م

جرائم القذف والسب وإفشاء الإسراء المستشار عبد الحميد المنشاوي صـ57، 89

أركان جريمة القذف

1-  "الركن المادي" أسناد واقعة معينة لو صحت لأوجبت عقاب من اسندت إليه او احتقاره.

2-   العلانية حصول الإسناد بطريقة من طرق العلانية المنصوص عليها في قانون العقوبات.

3- القصد الجنائي:

ويستوى في القذف أن يسند القاذف الأمر الشائن إلى المقذوف بطريق الرواية على الغير أو مجرد إشاعة ويستوى الإسناد قدراً على سبيل التصريح أو التلميح.

السب: هو خدش شرف شخص واعتباره عمداً دون ان يتضمن ذلك إسناد واقعة معينة إليه.

وينص القانون : "كل سب لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل يتضمن بأي وجه من الوجوه خدشاًَ للشرف أو الاعتبار يعاقب عليه في الأحوال المبينة في القانون والسب العلني أركانه ثلاثه:

1-      خدش الشرف أو الاعتبار

2-      العلانية

3-      القصد الجنائي

شرح قانون العقوبات د/ عبد الحميد الشواربي سنة1990م صـ225، 243


المعنى اللغوي:

أولا:العاهرة: المرأة كمنع عهراً يكسر ويحرك وعاهره بالفتح وعهوراً وعهوره بضمهما وعاهرها عهاراً اتاها ليلاً للفجور أو نهارا أو تبع الشر وزنى أو سرق وهي عاهر وعاهره ومعاهرة .

فالمعنى الأول يدل دلالة واضحة على القذف .

ثانيا:القحبة: الفاسدة الجوف من دائن والفاجرة لأنها تسعل وتنيح أي ترمز به . وهذا المعنى يدل كناية على القذف  .

وهذا المعنى للمصطلح في عرف أهالي المنطقة.

القاموس المحيط : الفيروزآبادي- صـ 165 ، 574

الرأي القانوني

من خلال البحث عن جريمة القذف والسب في الفقه والقانون المقارن ومن خلال دراسة قضية المجني عليها فاطمة محمد يحيى زحيط.

اولاً في الفقه:

أعتبر الفقهاء القذف هو إلقاء الفاحشة من شخص مخصوص على شخص مخصوص مع شروط وإذا توافرت الشروط وجب الحد سواء كان القذف مصرحاً به أو كانياً به وعقوبة القاذف هو الحد المنصوص عليه في الشرع الكريم.

وخلال هذه القضية فإن واقعة القذف قد وقعت شرعاً وهو ما صرح به المتهم زيد محمد البري من إلقاء الفاحشة صراحة وهو كلمة عاهرة على المجني عليها فاطمة محمد زحيط ولذا وجب عليه الحد وأيضاً ما ألقاء المتهم من كناية وهو قوله قحبه فإنها تدل على القذف وهذه الواقعة مشهود عليها.

ثانيا: في القانون:

اما من خلال القانون المقارن

فقد ذكر القذف الموجب عليه العقاب قانوناً هو أن يتضمن أسناد فعل يعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية أو يوجب احتقار المسند إليه عند أهل وطنه ويستخلص القاضي وقائع القذف من تحصيل لفهم الوقائع والمقصود منها وأوجب القانون توافر ثلاثة شروط.

1)    الركن المادي والركن المادي هو متحقق في هذه القضية وهو اسناد الواقعة المعاقب عليها قانوناً إلى المجني عليها.

2)    العلانية وهي متحققه ولقد تلفظ المتهم زيد محمد البري بواقعة القذف أمام الشهود منهم الشاهد علي أحمد محمد الشاهري أنه كان في الدكان حق طاهر المريسي وأخبر المتهم أن العساكر يدوروا عليه من قبل مدير الناحية ثم قال المتهم من هو هذا مدير الناحية الطرطور أبن الطرطور الذي واقف مع القحبة العاهرة ولذلك فإن العلانية تحققت في مكان عام وأمام الشهود وأوجب القانون العقاب.

3)    القصد الجنائي هنا متوفر ثبوت جريمة القذف في العبارات التي ألقاها المتهم إلى المجني عليها.

أما واقعة السب فهي واقعة على مدير الناحية والمتمثل في عبارة الطرطور أما العبارات الواقعة اتجاه المجني عليها فإنها عبارات قذف صريحة.

وعليه فإن المتهم قد ارتكب اتجاه المجني عليها جريمة القذف وذلك وفقاًُ لما عللناه سابقاً في سياق بحثنا وأيضاً ما نصت عليه المادة(289) من قانون العقوبات رقم  (12) لسنة94م والتي تنص على: (كل من قذف محصناً بالزنا أو بنفي السب وعجز عن إثبات ما رماه به يعاقب بالجلد ثمانين جلده حداً)

اما السب هو ما أورده قانون العقوبات تعريفاً قانونياً له حيث نصت المادة(291) منه على ما يلي: (السب هو اسناد واقعة جارحة للغير لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من اسندت إليه قانوناً او أوجبت احتقاره عند أهل وطنه وكذلك كل إهانة للغير بما يخدش شرفه أو اعتباره دون أن يتضمن ذلك اسناد واقعة معينة إليه)

فيما قررت المادة(252) عقوبة السب بقولها:

(كل من سب غيره بغير القذف يعاقب بالحبس مدة لا يتجاوز سنتين أو بالغرامة ولو كانت الواقعة المسندة للمجني عليه صحيحة)

وأزاء تلك القواعد القانونية نجد أن المتهم قد قذف المجني عليها بشكل واضح مما يستوجب معه معاقبته بنص المادة(289) عقوبات.

هذا ما ظهر لي ومن الله العون،،،

المحامي/ عبد الرحمن محمد الصديق

إعادة نشر #اعرف_حقك_وقانونك⚖️🇾🇪

https://www.facebook.com/Knowyourlegalrightyemen

تليجيرام 👈 https://t.me/Knowyourlegalright

#شارك_لنشر_الوعي_بالقانون

#اليمن🇾🇪

#معركة_الوعي 

#القانون_اليمني

الخميس، 9 يونيو 2022

قاعدة الجهل بالقانون

 #اعرف_حقك_وقانونك⚖️🇾🇪

☀️ قاعدة الجهل بالقانون 👇

إعداد القاضي أنيس جمعان

🔷️محاور الدراسة :

------------------

👈(1) المقدمة

👈(2) تعريف قاعدة عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون

👈(3) الاستثناءات الواردة على مبدأ لا جهل بالقانون 

👈(4) موقف التشريعات القانونية من قاعدة الجهل بالقانون

🔶️أولاً: المقدمة :

➖➖➖

▪️تعتبر قاعدة عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون من القواعد المسلم بها في معظم دول العالم، و مؤداها أن التشريع متى أصبح نافذاً فإنه يسري في مواجهة جميع الأفراد المخاطبين بأحكامه، ولا يعفى أي منهم من الخضوع له، سواء علموا به أو لم يعلموا، وتسري قاعدة عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون في حق كافة الناس، فلا يحق لأحدهم أن يحتج بعدم علمه بأحكام القانون أياً كان سبب عدم العلم، وبما أن أساس قاعدة لا جهل بالقانون هو استقرار المصالح الاجتماعية وكفالة تطبيق القانون؛ فإن الجهل بالقانون حجة قد يتذرع بها أغلب المتهمين، وفي الوقت ذاته فإن إثبات العلم بالقانون أمر بالغ الصعوبة، وقد تعجز النيابة العامة عن تحقيقه، وهذا يعني براءة الكثير من المجرمين وإفلاتهم من العقاب وتملصهم من المسؤولية.

▪️لا يعتبر الجهل بالقانون عذراً، وهو مبدأ قانوني ثابت يبطل الأعذار التي يسوقها المدانون، بارتكاب ممارسات وأفعال مجرمة ليكون مصيرهم خلف القضبان أو دفع غرامات مالية أو تنفيذ إحدى العقوبات المندرجة في إطار الخدمة المجتمعية، أو غيرها من العقوبات التي يفرضها القانون، وتكمن مهمة الدولة بوضع التشريعات والقوانين المختلفة التي تنظم حياة أفراد المجتمع وتضبط سلوكياتهم وتحميهم من أي اعتداء على أي حق من حقوقهم، وفي المقابل على الفرد أن يعي ويفهم أهمية القوانين، وما هي السلوكيات المباحة والمجرمة، وما هي حقوقه والتزاماته.

▪️فهل يأخذ بعين الاعتبار مدى علمه بالقانون عند مسائلته؟!

▪️وهل الجهل بالقانون يعفي من المسؤولية الجنائية؟! 


🔶️ثانياً : تعريف قاعدة عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون :

➖➖➖➖➖

▪️هو أن يدعي الشخص عدم معرفته بمضمون القانون، والمقصود بالشخص هنا مرتكب فعل يترتب عليه جزاء قانوني، فيدعي أنه لا يعلم بأن الفعل معاقب عليه، 

فعدم العلم بالقانون لا يعوق تنفيذه فلا يقبل من أي أحد أن يعتذر بجهله القانون لعدم قدرته على القراءة ولا يجوز لشخص يعيش على أطراف حدود الدولة أن يدعي عدم علمه بالقانون لعدم وصول الجريدة الرسمية إلى هذا المكان، كما لا يجوز للأجنبي إن وجد على إقليم الدولة أن يخالف قواعد المرور بدعوى عدم علمه بهذه القواعد.

▪️ويعني مبدأ عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون هو افتراض علم الكافة بصدور القانون وما يتضمنه من احكامه ومنذ تأريخ نشره، او من تأريخ اخر يحدده القانون بالنص عليه فيه، وانه بمجرد نشر القانون ومضي المدة المقررة لنفاده فانه يطبق على جميع الناس، ويصبح ملزماً لهم، ولا يستطيع احد ان يتخلص من تطبيق حكمه بحجة انه لم يعلم بصدوره، فالقانون كما انه ملزم لكل الاشخاص المخاطبين بحكمه، الحاكم منهم والمحكوم، كامل الادراك وعديم الادراك، فهو يلزم كذلك من يعلم بالقانون او من يجهله، فلا يعذر احد بسبب جهله بالقانون، فاذا ما تكونت القاعدة القانونية وخرجت من مصدر من المصادر الرسمية، فهي تسري بحق المخاطبين بأحكامها دون استثناء، سواء أعلموا بها ام لم يعلموا، أي تطبق على كافة من تتوجه اليهم من اشخاص، فلا يعفى احد من الخضوع لا حكامها ، ويعبر عن ذلك بامتناع الاعتذار بالجهل بالقانون ، فلا يقبل من اياً كان الاحتجاج بجهله حكم قاعدة قانونية ليفلت من انطباقها عليه وسريانها في حقه، فجهل القاعدة القانونية لا يصلح عذراً يمنع او يعفي من انطباقها على احد ، فهي تسري في حق جميع المخاطبين بأحكامها، من علم بها ومن جهلها على السواء، فلا يقبل من احد ان يدعي بجهله قاعدة قانونية معينة لكي يحول دون تطبيقها عليه حين يكون هذا التطبيق واجباً.

▪️وبناء على ذلك، لا يمكن لعائد من الوطن أن يعتذر بجهله القانون الذي يسري في حقه، بحجة صدوره حالة وجوده خارج البلاد، كما لا يقبل نفس العذر من شخص أمي بحجة أنه لا يستطيع قراءة الجريدة الرسمية التي نشر فيها القانون، بل لا يجوز لأجنبي قدم إلى مصر وأتى ما يستوجب تطبيق القانون المصري عليه أن يعتذر بجهله حتى ولو كان حسن النية لأن حكم هذا القانون يخالف تماماً المعمول به في بلده.

▪️مما لا شك فيه ان الجهل بالقوانين يوقع افراد المجتمع في مشكلات جسيمة واخطاء هم في غنى عنها لو كلف كل شخص نفسه عناء البحث والاطلاع عن التشريعات. والقوانين فهي تتعلق بكل انشطة حياتنا اليومية وشتى تحركاتنا وعلاقاتنا الاجتماعية والتجارية والمدنية وغيرها، وإن المشرع في كثير من الدول جعل العلم بالقانون فرضا على الجميع، وحدد طرقا يتم بها نشر القوانين بحيث بعد نشرها لا يجوز لشخص ان يتذرع بجهله بقانون معين، حتى يتخلص من المسؤولية الجنائية، واوجد المشرع بين مبادئه القانونية مبدأ عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون.

▪️ومن المبادئ الأساسية في فقه القانون الوضعي مبدأ لا عذر بجهل القانون و مؤداه أنه لا يقبل من أي شخص أيا كان الاحتجاج بجهله بحكم قاعدة قانونية للتهرب و الإفلات من سريانها عليه إذ يفترض العلم بها بمجرد نشرها في الجريدة الرسمية لكن في ظل استحالة تحقق ذلك في حال قيام قوة قاهرة تحول دون وصول الجريدة الرسمية إلى جزء من إقليم الدولة لأي ظرف يمكن الخروج عن هذه القاعدة و من بين تلك الظروف انتشار و باء يؤدي إلى عزل منطقة عن باقي اقليم الدولة و هو ما ينطبق على الوضع الذي يعيشه العالم بسبب جائحة كورونا في ظل فرض عزل صحي على الأفراد تجلت أثاره في انقطاعهم عن العالم الخارجي ما يسمح بتكييفها بأنها قوة قاهرة تعطيهم حق التمسك بجهل القوانين الصادرة خلال فترة عزلهم.

▪️إن القاعدة القانونية ملزمة لكل الناس، أي أنها واجبة الاتباع لكي يُحترم القانون، لأن القانون جعل لكي يُحترم، أما ما نحن بصدده من مفهوم مبدأ عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون فذلك معناه انه لا يجوز لأحد أيا كان أن يقول إنني أجهل القانون ولا أعلم به، فالعلم بالقانون مفترض ولا يحتاج إلى دليل عليه، ويقال لا يُعذر المرء بجهله بالقانون لأن العلم به مفترض، ولا ضوابط لذلك، ومن شروط تطبيق المبدأ نشر القانون في الجريدة الرسمية، وبعد ذلك يكون العلم به مفترضاً، أما عن مبرراته، فكما سبق القول، ونحن بصدد الحديث عن خصائص القاعدة القانونية ان خصائصها العموم والتجريد والإلزام فهي تطبق على الكل فسواسية، وإذا تعذر المرء لجهله بالقانون فستسود الفوضى ويفلت المذنبون من العقاب، لأن من أبسط الأشياء أن يقول الناس اننا لا نعلم بالقانون ونجهله ولذلك جُعل هذا المبدأ كي لا تسود الفوضى، وكما سبق القول لا يُعذر المرء بجهله بالقانون مهما كانت هناك ظروف وأسباب هذا الجهل، فلا يجوز أن يتعذر الناس بجهلهم بالقانون، لذلك يُعمل بهذا المبدأ على إطلاقه ولا توجد أي استثناءات على هذا المبدأ، حيث والمشرع قد قرر وسيلة العلم بالقانون وهي بمجرد نشر القانون في الجريدة الرسمية، فالنشر هو المرحلة الأخيرة التي يمر بها القانون ليصبح بعدها ملزماً وواجب التطبيق على جميع المواطنين الذين تتناولهم أحكامه. والغاية من النشر؛ إعلام الناس بالقانون وإذاعته عليهم ليصبح ساري المفعول بالنسبة إليهم. فالقانون إذن يوجد بإقرار المجلس النيابي له، ويثبت وجوده بصورة رسمية ويصبح قابلاً للتنفيذ بإصداره من قبل رئيس الجمهورية، ولكن لا يمكن تنفيذه بالنسبة إلى المواطنين أو إلزامهم بتطبيقه إلا بعد أن يتم علمهم به، ويكون ذلك عن طريق نشره في الجريدة الرسمية، أما عن مدى كفاية تلك الوسيلة لكي يعلم الجميع علماً حقيقياً، فالعلم بالقانون مفترض ولا يجوز إثبات عكس ذلك الافتراض بأي حال من الأحوال، أي أنه لا يشترط العلم الحقيقي لأن ذلك الاحتمال محال أن يتحقق، لذلك فهو مفترض لا يجوز إثبات عكسه، أما عن أن تلك الوسيلة التي قررها المشرع للعلم بالقانون فهي بالقطع غير كافية للعمل الحقيقي، وإذا كان الناس لا يسعون إلى معرفة القوانين بعد نشرها في الجريدة الرسمية؛ فإن تبعة ذلك يجب أن تعود عليهم وحدهم لأنهم هم المقصرون، ومن هنا جاء المبدأ القائل إن الجهل بالقانون لا يعدُّ عذراَ.

🔶️ثالثاً: الاستثناءات الواردة على مبدأ لا جهل بالقانون :

➖➖➖➖➖

▪️هناك من الفقهاء من يرى أن في جواز تمسك الشخص بالقوة القاهرة أو بالغلط في القانون أو بالجهل بالقوانين الجزائية أو بالقوانين المدنية ذات الصلة بالقوانين الجزائية؛ الحق باستثنائه من قاعدة عدم جواز الاحتجاج بجهل القانون.

(1) القوة القاهرة :

-----------------------

▪️إذا استحال علم الشخص بالقانون بسبب قوة قاهرة حالت دون وصول الجريدة الرسمية إلى منطقة أو مناطق معينة من إقليم الدولة؛ فإنه لا يمكن الأخذ بمبدأ عدم الاحتجاج بجهل القانون، بل إن هذا المبدأ يُستبعد ويمكن الاحتجاج بجهل التشريع الجديد، وذلك حين زوال السبب الذي جعل العلم بهذا التشريع مستحيلاً، ووصول الجريدة الرسمية المتضمنة التشريع إلى الأشخاص المعنيين بحكمه، ومن أمثلة القوة القاهرة: احتلال العدو لإحدى مناطق الدولة، والزلزال، وغيرها من الظروف التي يستحيل معها علم الأفراد بالتشريع في الجريدة الرسمية، وأياً كان الرأي في هذا الاستثناء وتبريره، فهو من ناحية نادر التحقق اليوم أمام تقدم وسائل المواصلات وخاصة الجوية منها، وهو من ناحية أخرى قاصر على القواعد التشريعية؛ إذ هي وحدها التي تنشر في الجريدة الرسمية وتعدُّ معلومة للناس بهذا النشر، ومن ناحية ثالثة فإن الأمثلة التي صاغها الفقهاء للتدليل على القوة القاهرة لا تعدُّ في الحقيقة استثناء من قاعدة لا جهل بالقانون بل هي تطبيق لها. إذ إن عدم علم المواطنين مثلاً في إقليم احتله العدو بالتشريعات التي تصدر في أثناء الاحتلال؛ إنما يرجع إلى عدم استطاعة الاحتجاج قبلهم بنشرها، ذلك النشر الذي به وحده تنهض قرينة على افتراض علمهم بتلك التشريعات وليس إلى استحالة العلم بها استحالة مطلقة.

(2) الغلط في القانون :

---------------------------

▪️ ذهب بعض الفقهاء إلى التفريق بين الجهل والغلط، فقالوا: إن الجهل هو حالة ذهنية سلبية تعني عدم توافر صورة إدراكية عن الشيء في ذهن الشخص؛ بحيث يخلو العقل من هذه الصورة خلواً تاماً. أما الغلط فإنه على العكس من ذلك فهو يمثل حالة ذهنية إيجابية، حيث تقوم في العقل صورة إدراكية عن الشيء؛ أي يتوافر العلم به، بيد أنه علم مغلوط غير صحيح. وبعضهم يرى أن الفرق بينهما هو من ناحية الكم لا من ناحية الكيف، فالجهل يعني انعدام العلم بالشيء بصورة كلية، أما الغلط فهو العلم بالشيء علماً ناقصاً، مثلاً يجوز للمتعاقد الذي وقع في غلط في القانون أن يطلب إبطال العقد؛ متى كان هذا الغلط هو الدافع الرئيسي إلى التعاقد. فالعيب في الإرادة يتحقق إذا كان الغلط في واقعة من الوقائع، كمن يشتري تحفة ظناً منه أن لها قيمة أثرية ثم يتضح له خلاف ذلك. وقد يكون الغلط في القانون؛ أي غلط ينص على جهل المتعاقد لحكم القانون في مسـألة معينة فيتعاقد وفقاً لذلك، كأن يبيع الزوج نصيبه في الإرث ظناً أنه يرث الربع، ثم يتضح له أن نصيبه النصف لعدم وجود فرع وارث للزوجة، فالمتعاقد تعاقد نتيجة غلط في القانون ويكون له الحق في طلب إبطال العقد، إذ إن إبطال العقد يؤدي إلى التخلص من حكم القانون الذي يجعل العقد ملزماً. فالوارث مثلاً الذي يبيع حصته في التركة على اعتقاد أنها الربع في حين أن له نصف التركة طبقاً لقواعد الميراث؛ يكون له إبطال العقد الذي شاب إرادته في قدر الشيء المباع. والرجل الذي يهب مطلقته مالاً ظناً منه أنه استردها إلى عصمته فعادت زوجة له، وهو يجهل بذلك أن الطلاق الرجعي قد أصبح بائناً بانتهاء مدة العدة فلا ترجع إلى عصمته إلا بعقد زواج جديد؛ يكون له طلب إبطال الهبة على أساس الغلط الذي وقع فيه بشأن صفة جوهرية جديدة في شخص الموهوب لها، فالوارث الذي يجهل قواعد الميراث ويقع في غلط في قدر الحصة التي تفرضها له، ثم يطلب إبطال عقد البيع الذي اندفع إلى إبرامه تحت تأثير هذا الغلط؛ لا يتوصل بالحصول على الإبطال إلى منع سريان قواعد الميراث بحقه، فهي تظل سارية بحقه فيكون له نصف التركة كلما دعا الأمر إلى تمكينه من إبطال بيع حصته الذي اندفع إليه على اعتبار أنها الربع فقط، والرجل الذي يهب مطلقته مالاً ظناً منه أنها عادت إلى عصمته زوجة له غلطاً منه في أحكام الطلاق، ثم يطلب إبطال الهبة بعد اكتشاف الغلط؛ لا ينجو بهذا الإبطال من سريان قواعد الطلاق بحقه، فهي ملزمة له مع جهله بها، مما يظل الطلاق معه قائماً وبائناً بحيث لا يملك استرداد مطلقته إلى عصمته إلا بعقد جديد، وما دام تمكين المتعاقد من حق إبطال العقد في مثل هذه الفروض لا يحمل أي خروج على مبدأ امتناع الاحتجاج بجهل القانون، ومفهوماً على وجهه الصحيح؛ فإن هذا الإبطال هو المتفق ـ فضلاً عن ذلك ـ مع ما يجب لصحة العقود من تنزه الرضا فيها عن العيوب، ومن بينها عيب الغلط، فالأمر إذن هو سلامة الرضا وصحته، لا أمر منع تطبيق قاعدة قانونية بحجة الجهل بأحكامها.

(3) الجهل أو الغلط في القواعد القانونية الجزائية :

----------------------

▪️الجهل بالقانون إما أن يكون واقعاً على وجود النص القانوني، كأن يجهل الشخص أن هناك نصاً قانونياً يجرّم الصيد في بعض شهور السنة، وإما أن يجهل تفسير القانون فيفهمه على غير الصورة التي يريدها الشارع، إضافة إلى اعتقاد الشخص أن نصاً من النصوص التي يعرف وجودها قد تم إلغاؤه لتقادم الزمن عليه، في حين أنه لم يلغ؛ لأن القوانين الجزائية لا تلغى إلا بمثلها صراحة ولا تسقط بعدم استعمالها فترات طويلة، والقاعدة أن الجهل بوجود القانون الجزائي أو في تفسيره أو الاعتقاد بإلغائه؛ ليس من شأنه أن يمحو المسؤولية أو يخففها في مفهوم القوانين التي تسير على قاعدة لا جهل بالقانون، وهذا هو مبدأ في الشريعة الإسلامية أيضاً؛ إذ إنه لا يقبل في دار الإسلام العذر بجهل الأحكام.


(4) الجهل أو العلم بقوانين أخرى غير قانون العقوبات ومرتبطة به لكي تقوم الجريمة : 

----------------------

▪️قد يتطلب المشرع بالنسبة إلى بعض الجرائم العلم بقواعد القوانين الأخرى غير قانون العقوبات لكي تقوم الجريمة، كما هو الحال بالنسبة إلى صفة الزوج في جريمة الزنا؛ إذ يجب أن يعلم بتوافر هذه الصفة وقت ارتكاب فعل الزنا، والعلم بهذه الصفة يتطلب العلم بقواعد قانونية أخرى غير قانون العقوبات وهي قواعد قانون الأحوال الشخصية. وكذلك بالنسبة إلى صفة الموظف العام في جريمة الرشوة؛ إذ يتعين بالنسبة إليها العلم بقواعد القانون الإداري. وأيضاً بالنسبة إلى ملكية الغير في جريمة السرقة والاحتيال وإساءة الائتمان؛ إذ يلزم بالنسبة إليها العلم بقواعد الملكية التي ينص عليها القانون المدني وهكذا، فإذا كانت أحكام قانون العقوبات لا تؤدي إلى إعفاء مرتكب الجريمة من مسؤوليته الكاملة عند ارتكابها؛ فإن الجهل بأحكام أخرى للتقنين المدني يأخذ حكم الجهل بالقانون، ويؤدي إلى نفي القصد الجنائي ورفع المسؤولية عن الفاعل الذي كان يعتقد أنه يأتي فعلاً مشروعاً، وهذا معناه أن مبدأ عدم جواز الاحتجاج بجهل القانون لا يمتد تطبيقه إلى الجهل بالتشريعات غير الجنائية؛ إذ إن الجهل بهذه التشريعات الأخيرة يصلح عذراً يمنع من العقاب لانتفاء القصد، وقد نصت المادة (223) من تقنين العقوبات اللبناني صراحة على هذا الاستثناء بقولها: "لا يمكن لأحد أن يحتج بجهله الشريعة الجزائية أو تأويله إياها تأويلاً مغلوطاً فيه، غير أنه يعد مانعاً للعقاب الجهل أو الغلط الواقع على شريعة مدنية أو إدارية يتوقف عليها فرض العقوبة".


🔶️رابعاً: موقف التشريعات القانونية من قاعدة الجهل بالقانون :

➖➖➖➖➖

▪️تعتبر كثير من التشريعات أن الجهل بالقانون قاعدة قانونية وهي أن الجهل بالقانون ليس عذراً لمن يرتكب أي جرم، أي عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون لمن يرتكب أي جريمة ابتداءً من المخالفات ووصولاً للجنايات، وقد نص مثلاً على هذه القاعدة في قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960م في المادة (85): فكل قانون يتم تشريعه ينشر في الجريدة الرسمية ويعتبر نافذاً من تاريخ نشره،  ويسري بحق كافة أفراد المجتمع سواء علموا به أم لم يعلموا ، فالتقصير بعدم العلم يأتي من الفرد وهذا ليس عذر، لا يحق لأحدهم أن يحتج بعدم علمه بأحكام القانون أياً كان سبب عدم العلم.

▪️وفي القانون اللبناني هناك حالات يجعل فيها المشرع اللبناني الجهل مانعاً من العقاب (أي يعتبر الفعل جريمة دون إنزال العقوبة لوجود مانع من العقاب)، وقد أورد ذلك في نص الفقرة (2) المادة 223 من قانون العقوبات اللبناني رقم 340 لسنة 1943م الصادر في تاريخ 1943/3/1م إنه لا يمكن لأحد أن يحتج بجهله الشريعة الجزائية أو تأويله إياها تأويلاً مغلوطاً فيه، غير أنه يعد مانعاً من العقاب الحالات التالية :

(1) الجهل أو الغلط الواقع على شريعة مدنية أو إدارية يتوقف عليها فرض العقوبة، وهذا يستوجب عدم توافر القصد الجرمي لدى الفاعل. وقد كرَّست المادة 206 من قانون الموجبات والعقود اللبناني جواز التذرع بالغلط القانوني الذي يعيب الرضى كالغلط العملي، ويؤدي إلى حق المطالبة بإبطال العقد. ومثال على ذلك، الإعتراف بالولد الناتج عن زواج غير قانوني إذا كان أحد الفريقين يعتقد أنه زواج صحيح، وصحة عقد العمل بين الأجير والمالك الظاهر للمؤسسة رغم أنه ليس المالك القانوني أو الفعلي لها.

(2) الجهل بشريعة جديدة إذا اقترف الجرم خلال الأيام الثلاثة التي تلت نشرها، فلا عقاب بحق من يقترف فعلاً أصبح معاقبًا عليه بموجب قانون جرى نشره خلال ثلاثة أيام على ارتكابه، ولا يُعتد بتاريخ تحقّق النتيجة الجرمية أو آثار الجريمة التي قد تمتدّ الى ما بعد تلك الفترة. وهذا يستوجب إثبات عدم العلم بصدور القانون عند ارتكاب الجرم؛ مثال على ذلك صدور قانون يُجرّم التعامل بعملة نقدية معينة، فلا يُعاقب من يقوم بتحويل مبلغ من المال بتلك العملة خلال ثلاثة أيام على تاريخ نشر هذا القانون، حتى لو استغرقت إجراءات التحويل أكثر من ثلاثة أيام، شرط ثبوت عدم علمه بصدور القانون المذكور.

(3) جهل الأجنبي بتجريم فعل لا تعاقب عليه شرائع بلاده أو شرائع البلاد التي كان مقيمًا فيها، وهذا يستوجب توافر عدة شروط مجتمعة، هي: أن يكون مرتكب الجريمة من جنسية أجنبية، وأن يكون قد ارتكبها خلال ثلاثة أيام من تاريخ قدومه إلى لبنان، وأن لا تكون للجريمة علاقة بالسيادة والنظام العام والآداب العامة، وأن لا تكون موضع عقاب في شرائع بلاده أو شرائع البلاد التي كان مقيمًا فيها. مثلاً الأجنبي القادم من بلاد تسمح بتعاطي حشيشة الكيف ويقوم بتعاطيها في لبنان خلال ثلاثة أيام من قدومه إليه من دون أن يكون عالماً بأن القانون اللبناني يُعاقب على تعاطيها.

▪️أما قانون العقوبات السوري رقم 148 لسنة 1949م الصادر في ﺗﺎرﯾﺦ 22/ 6/ 1949م، فهو كغيره من القوانين العربية الجزائية رفض الاحتجاج بجهل القوانين الجزائية أو تأويلها بصورة مغلوطة وتبنى قاعدة "لا جهل بالقانون" وافترض العلم بجميع أحكام القانون الجزائي، وهذا الافتراض غير قابل لإثبات العكس، كما لا يشترط إثباته. فقد جاءت الفقرة الأولى من المادة (222) من قانون العقوبات صريحة في النص على افتراض العلم بالقانون بقولها: "لا يمكن لأحد أن يحتج بجهله القانون الجزائي أو تأويله تأويلاً مغلوطاً". غير أنه يعد مانعاً  للعقاب: 

(أ) ـ الجهل القانون جديد إذا اقترف الجرم في خلال الأيام الثلاثة التي تلت نشره. 

(ب) ـ جهل الأجنبي الذي قدم سورية منذ ثلاثة أيام على الأكثر بوجود جريمة مخالفة للقوانين الوضعية لا تعاقب عليها قوانين بلاده أو قوانين البلاد التي كان مقيماً فيها.

▪️وبالتالي فإن هذا الاستثناء يتعلق بحالة الأجنبي الذي لم يمض على قدومه لدولة غير دولته إلا أيام معدودة، ويرتكب خلال هذه الفترة فعلاً يجهل أنه جريمة وفقاً لتشريع هذه الدولة، فيصلح هذا الجهل عذراً ترفع منه العقوبة، ويشترط لتطبيق هذا النص عدة شروط: أن يكون الجاني أجنبياً؛ أي لا يتمتع بالجنسية السورية، ويستوي بعد ذلك أن يكون حاملاً جنسية أجنبية أو أكثر أو عديم الجنسية، وأن يكون قد ارتكب الفعل المكون لجريمته خلال ثلاثة أيام من تاريخ وصوله إلى سورية، وأن يكون هذا الفعل غير معاقب عليه وفقاً لتقنين العقوبات في الدولة التي يحمل جنسيتها أو شريعة الدولة التي كان مقيماً فيها قبل قدومه إلى سورية، وأن يجعل تجريم هذا الفعل لمخالفته للقوانين الوضعية؛ أي القوانين التي ترتبط بالمفاهيم السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية مثل قوانين الضرائب والنقد والمرور. وتطبيقاً لذلك لا يقبل الاحتجاج بالجهل بالقانون الذي يحمي القيم الأخلاقية المشتركة بين جماعة الدول المتمدنة، أو يحمي الحقوق الأساسية للإنسان في المجتمع المعاصر، كما هو الحال بالنسـبة إلى جرائم الاعتداء على الحياة أو سلامة الجسم أو العرض أو الشرف.

▪️وفي العراق منح حق الدفع في حالة القوة القاهرة، وذلك في نص المادة (37/ الفقرة 1) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، حيث أعطى القانون حق الدفع بجهل القانون في حالة الظروف القاهرة حيث نصت هذه المادة على ان ليس لاحد ان يحتج بجهله باحكام القانون او اي قانون عقابي اخر مالم يكن قد تعذر علمه بالقانون الذي يعاقبه على الجريمة بسبب القوة القاهرة. وحول جهل الأجنبي بأحكام قانون العقوبات للدولة التي نزل بها نصت القوانين الجزائية في بعض الدول على هذا الاستثناء، فقد جاء في الفقرة الثانية من المادة (37) من قانون العقوبات العراقي ما يلي: "للمحكمة أن تعفو من العقاب الأجنبي الذي يرتكب جريمة خلال سبعة أيام على الأكثر تمضي من تاريخ قدومه إلى العراق إذا ثبت جهله بالقانون وكان قانون محل إقامته لا يعاقب عليها". 

▪️وفي دولة الأمارات العربية المتحدة 

يعتبر الجهل بالقانون لا يعتبر عذراً، فعلى كل شخص أن يثقف نفسه لضمان حقوقه وحقوق الآخرين، إلى أنه يُقصد بقاعدة "الجهل بالقانون لا يعتبر عذراً" المحافظة على هيبة القوانين والتشريعات الناظمة، وتماسك المجتمع وضمان التزامه بالحقوق التي يكفلها القانون، فالجاني الذي يرتكب جريمة عمداً أو خطأً يُسأل عن ذلك الفعل، فلا يكون بوسعه أن يخرج عن القانون بحجة عدم علمه، ووفقاً للقانون، فقد نصت المادة 42 القانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 في دولة الأمارات العربية المتحدة على أنه "لا يعتبر الجهل بأحكام هذا القانون عذراً"، وتنص المادة 43 على أنه "يُسأل الجاني عن الجريمة، سواء ارتكبها عمداً أم خطأً، ما لم يشترط القانون العمد صراحة". وأن محاولة المتهمين التنصل من العقوبات الواردة في لائحة اتهاماتهم بالقول إنهم جاهلون بالقانون يعتبر من الدفوع والأقوال المرسلة التي لا يُعتدُّ بها، وبالتالي فإن العقوبات المنصوص عليها لتلك الأفعال ستطبق عليها، مع إمكانية تطبيق الحد الأدنى للعقوبة، في حال أرتأى القاضي ذلك.

▪️وفي اليمن الجهل بالقانون لا يعتبر عذراً، ولايقبل الاحتجاج به، فقد نصت المادة (37) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني رقم 12 لسنة 1994م : (ولا يقبل الاحتجاج بجهل أحكام هذا القانون ومع ذلك يعتد بالجهل بقاعدة مقررة في قانون آخر متى ما كانت مُنصَبّةً على أمرٍ يعد عنصراً في الجريمة).  

▪️ختاماً ..

 إن قاعدة عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون (الجهل بالقانون) تسري على كافة القواعد القانونية، فهي ليست قاصرة على التشريع فقط، بل تمتد لتشمل كافة القواعد القانونية الأخرى مثل القواعد العرفية أو القواعد الدينية. فكما لا يستطيع أي رد أن يحتج بجهله قاعدة تشريعية معينة لاستبعاد تطبيقها، فهو لا يستطيع كذلك أن يحتج بجهله لقاعدة عرفية أو دينية.

المراجع :

-----------

(1) الجهل بالقانون المحامية ليلى خالد 

 (2) الجهل بالقانون.. هل يعفي من المسؤولية (Ahmed Atef )

(3) مبدأ لا جهل بالقانون- محمد ياسر عياش- الموسوعة العربية

(3) مبدأ عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون لتحقيق الاستقرار المالي- علي حميد كاظم الشكري- 27 / 6 / 2021- المرجع الإلكتروني للمعلوماتية

(4) الجهل في القانون ممنوع أن لا تعرف - د. نادر عبد العزيز شافي- الموقع الرسمي للجيش اللبناني

(5) قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960م

(6) قانون العقوبات اللبناني رقم 340 لسنة 1943م

(7) قانون العقوبات السوري رقم 148 لسنة 1949م

(8) قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969

(9) القانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 في دولة الأمارات العربية المتحدة

(10) القانون رقم 12 لسنة 1994 بشان الجرائم والعقوبات اليمني

------------------

▪️تم النشر في مدونة القاضي أنيس جمعـان في facebook بتاريخ 7 يونيو 2022م

============

إعادة نشر #اعرف_حقك_وقانونك⚖️🇾🇪

https://www.facebook.com/Knowyourlegalrightyemen

تليجيرام 👈 https://t.me/Knowyourlegalright

#شارك_لنشر_الوعي_بالقانون

#اليمن🇾🇪

#معركة_الوعي 

#القانون_اليمني

كتاب نظرية الدفوع في القانون اليمني

 #اعرف_حقك_وقانونك⚖️🇾🇪 🔘كتاب نظرية الدفوع في القانون اليمني ◾️الفصل الاول 🔹️المبحث الاول : تعريف الدفع  🔸️أ‌- في اللغة :- الدفع في اللغ...